هذا السؤال يطرح نفسه ، وربما لا ، ولن يجد الجواب الكافي والشافي في المستقبل القريب على الأقل.
سؤال آخر : وهو أنه هل يمكن أن نصدق بعد هذا ما يدعى من أشجعية أبي بكر بالنسبة لسائر الصحابة؟!
وسيأتي إن شاء الله تعالى حين الكلام على غزوة بدر ، بعض ما يرتبط بهذا السؤال الثاني ، فإلى هناك.
تحير أبي بكر في حراسته للنبي صلّى الله عليه وآله :
ويقولون : إن أبا بكر كان في الطريق إلى الغار ، تارة يمشي أمام النبي «صلى الله عليه وآله» ، وأخرى خلفه ، وثالثة عن يمينه ، ورابعة عن يساره ؛ فسأله رسول الله «صلى الله عليه وآله» عن ذلك ، فقال : يا رسول الله ، أذكر الرصد فأكون أمامك ، وأذكر الطلب فأكون خلفك ، ومرة عن يمينك ، ومرة عن يسارك ، لا آمن عليك (١).
وهذا كلام لا يصح.
أولا : لأن حزنه في الغار ، وخوفه وهو يرى الآيات والمعجزات التي يذكرها نفس هؤلاء الراوين لهذه الرواية قد زاد في كدر النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» ، حتى لقد احتاج النبي «صلى الله عليه وآله» إلى أن ينزل الله سكينته عليه.
ثانيا : عدا عن ذلك فإنه لا معنى لتخوف الرصد ، فقد كانت قريش مطمئنة إلى أنها تحاصر النبي «صلى الله عليه وآله» ، وتحيط به ، وأنه لن تكون
__________________
(١) تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٢٦ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٤.