دوافع الهجرة من مكة إلى المدينة :
إننا بالنسبة لدوافع الهجرة من مكة إلى المدينة يمكننا الإشارة إلى ما يلي :
أولا : إن مكة لم تعد أرضا صالحة للدعوة ، فقد حصل النبي «صلى الله عليه وآله» منها على أقصى ما يمكن الحصول عليه ، ولم يبق بعد أي أمل في دخول فئات جديدة في الدين الجديد ، في المستقبل القريب على الأقل.
وقد كان ثمة مبرر لتحمل الأذى والمصاعب ، حينما كان يؤمل أن تدخل في الإسلام جماعات تقويه ، وتشد من أزره.
أما بعد أن أعطت مكة كل ما لديها فأخرجت جماعات من شبان المؤمنين ، ومن المستضعفين ، ولم يبق فيها إلا ما يوجب الصد عن سبيل الله ، ويضع الحواجز والعراقيل الكثيرة أمام تقدم هذا الدين ، ويمنع من انتشاره واتساعه ؛ فإن البقاء في مكة ليس فقط لا مبرر له ، بل هو خيانة للدعوة الإسلامية ، ومساعدة على حربها ، والقضاء عليها ، ولا سيما بعد أن جندت قريش كل طاقاتها للصد عن سبيل الله ، وإطفاء نوره ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون.
نعم ، لقد كان لا بد من الانتقال إلى مركز آخر ، تضمن الدعوة فيه لنفسها حرية الحركة ، في القول والعمل ، بهدوء بال ، واطمئنان خاطر ، بعيدا عن ضغوط المشركين ، وفي منأى عن مناطق سيطرتهم ونفوذهم.
وقد رأينا : أنهم كانوا يلاحقون تحركات النبي «صلى الله عليه وآله» ، ويرصدونها بدقة ، ويتهددون ، بل ويعذّبون كل من يدخل في هذا الدين الجديد ، ويخيفون كل من يحتمل دخولهم فيه.
ثانيا : إن الإسلام وممثله وداعيته الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله»