قريش في طلب أبي بكر :
يقولون : إن قريشا قد بذلت في النبي «صلى الله عليه وآله» مئة بعير ، وفي أبي بكر مثلها (١) ذكر ذلك الجاحظ وغيره.
وأجاب الإسكافي المعتزلي فقال : «.. فما بالها بذلت في أبي بكر مئة بعير أخرى؟ وقد كان رد الجوار ، وبقي بينهم فردا لا ناصر له ، ولا دافع عنده ، يصنعون به ما يريدون ، إما أن يكونوا أجهل البرية كلها ، أو يكون العثمانية أكذب جيل في الأرض ، وأوقحه وجها.
وهذا مما لم يذكر في سيرة ، ولا روي في أثر ، ولا سمع به بشر ، ولا سبق الجاحظ به أحد» (٢).
ونزيد نحن هنا : إنه إذا كانت قبيلته قد منعته أولا كما يقولون ، فلماذا تخلت عنه الآن؟ وإذا كان أبو بكر من أذل بيت في قريش ، كما سبق بيانه حين الكلام على هجرته إلى الحبشة ؛ تحت عنوان : هل كان أبو بكر رئيسا ، فلماذا تبذل فيه قريش مئة بعير ، كما تبذل في النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه؟.
ولماذا لم تضع عليه الأرصاد والعيون ، ولم ترسل إليه فتبيته ، كما أرادت أن تبيت النبي «صلى الله عليه وآله»؟
ولماذا تبذل في أبي بكر هذا المقدار ، مع أن الذي فوت عليها ظفرها
__________________
(١) تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٣٠ والبداية والنهاية ج ٣ ص ١٨٢ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٩.
(٢) شرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ٢٦٩.