قالوا : وإنك لعلي؟
قال : أنا علي.
قالوا : فإنا لم نردك ؛ فما فعل صاحبك؟
قال : لا علم لي به (١).
فكان من الطبيعي أن يتراجعوا عنه ، وأن يسرعوا إلى قومهم لإخبارهم بما جرى ليتدبروا الأمر قبل فوات الأوان.
وهكذا كان فقد هبت قريش لتدارك الموقف.
قريش في طلب النبي صلّى الله عليه وآله :
فأذكت قريش العيون ، وركبوا في طلب النبي «صلى الله عليه وآله» الصعب والذلول ، واقتفوا أثره ، حتى وصل القائف (٢) إلى نقطة لحوق أبي بكر به ، فأخبرهم أن من يطلبونه صار معه هنا رجل آخر.
واستمروا يقتفون الأثر حتى وصلوا إلى باب الغار ، الذي كان مغطى بأغصان الشجرة .. فصرفهم الله عنه ؛ حيث كانت العنكبوت قد نسجت على باب الغار ، وباضت في مدخله حمامة وحشية ، كما يذكرون ، وغير ذلك فاستدلوا من ذلك على أن الغار مهجور ، لم يدخله أحد ، وإلا لتخّرق النسج ، وتكسّر البيض ، ولم تستقر الحمامة الوحشية على بابه (٣).
__________________
(١) أمالي الشيخ الطوسي ج ٢ ص ٨٢ و ٨٣.
(٢) القائف : الذي يتتبع الآثار.
(٣) تاريخ الخميس ج ١ ص ٣٢٨ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٧ والبداية والنهاية ج ٣ ص ١٨١ و ١٨٢.