وعلى كل حال ، فقد روى الشيخ الطوسي : «أن النبي «صلى الله عليه وآله» أمر أبا بكر ، وهند بن أبي هالة : أن ينتظرا في طريقه إلى الغار بمكان عينه لهما» (١).
وذكر الراوندي : «أنه مشى وهم لا يرونه ، فرأى أبا بكر قد خرج في الليل يتجسس من خبره ، وقد كان وقف على تدبير قريش من جهتهم ، فأخرجه معه إلى الغار» (٢).
وإذا صح هذا ؛ فيرد سؤال : كيف لم يخبر أبو بكر النبي بأمرهم؟! إلا أن يقال : إنه إنما جاء ليخبر النبي «صلى الله عليه وآله» بذلك.
ولكن الأهم من ذلك : كيف أطلعت قريش أبا بكر على تدبيرها مع حرصها الشديد على التكتم فيه ، عن كل من له بالنبي أدنى صلة كما تقدم تصريح الديار بكري وغيره بذلك؟
قالوا : وجعل المشركون يرمون عليا «عليه السلام» بالحجارة ، كما كانوا يرمون رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وهو يتضور (أي يتلوى ويتقلب) ، وقد لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ، فهجموا عليه ، فلما بصر بهم عليّ «عليه السلام» قد انتضوا السيوف ، وأقبلوا عليه ، يقدمهم خالد بن الوليد ، وثب له عليّ «عليه السلام» ، فختله ، وهمز يده ، فجعل خالد يقمص قماص البكر ، ويرغو رغاء الجمل ، وأخذ من يده السيف ، وشد عليهم بسيف خالد ، فأجفلوا أمامه إجفال النعم إلى خارج الدار ، وتبصروه ، فإذا علي.
__________________
(١) أمالي الشيخ الطوسي ج ٢ ص ٨١ والبحار ج ١٩ ص ٦١.
(٢) راجع : البحار ج ١٩ ص ٧٣ عن الخرائج والجرائح.