ما تقدم بشكل قاطع : أنه قد أسلم قبل الهجرة بقليل. إلى غير ذلك من الأسئلة الكثيرة التي لن تجد لها عند هؤلاء الجواب المقنع والمفيد.
ما هي الحقيقة إذا؟!
ولكن الحقيقة هي : أن هذا التهديد والوعيد إنما كان من أمير المؤمنين علي «عليه السلام» ، حينما هاجر ، ولحقه سبعة من المشركين في ضجنان وسيأتي تفصيل القضية حين الكلام على هجرة أمير المؤمنين علي «عليه السلام» بعد هجرة النبي «صلى الله عليه وآله».
ولكن أعداء علي «عليه السلام» لم يستطيعوا أن يتحملوا أن يروا هذه الكرامة له ، ولا سيما بعد ما أثبت صحتها بمبيته على فراش النبي «صلى الله عليه وآله» ليلة الهجرة.
وكما كان يبيت على فراش رسول الله «صلى الله عليه وآله» مدة ثلاث سنين ، يقيه بنفسه حينما كانوا محاصرين في شعب أبي طالب «رحمه الله».
فلما لم يكن إلى إنكارهم مبيته على الفراش سبيل أغاروا على فضيلته الأخرى ـ كعادتهم ـ فاستولوا عليها ، ونسبوها إلى غيره ـ وعظموا من شأن أبي بكر في الغار ـ كما سيأتي حين الكلام على الهجرة إن شاء الله تعالى.
بل إنهم لم يرضوا إلا أن تكون فضيلة عمر على لسان عليّ نفسه ، كما عودونا في مناسبات كهذه ، فإن ذلك أوقع في النفس ، وأبعد عن الشبهة ، وأدعى إلى القبول. ولكن الله تعالى يقول : (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ)(١) ، وهكذا كان.
__________________
(١) الآية ١٨ من سورة الأنبياء.