معلوم ؛ فكيف يكون أبو بكر قد علف الراحلتين أربعة ، أو ستة أشهر ، بعد أمره «صلى الله عليه وآله» لأصحابه بالهجرة؟!.
وأما تخيل أن يكون أبو بكر قد عرف بنية النبي «صلى الله عليه وآله» في هذا المجال ، قبل أن يصدر منه «صلى الله عليه وآله» الأمر بالهجرة فليس له ما يؤيده لا من عقل ولا من نقل ، سوى هذا النص الذي هو موضع البحث.
بالإضافة إلى أن الاذن بالهجرة إنما كان بعد بيعة العقبة كما تقدم.
٢ ـ إن ثمة نصا يقول : إن أمير المؤمنين «عليه السلام» قد اشترى للنبي «صلى الله عليه وآله» ثلاثا من الإبل ، واستأجر الأريقط بن عبد الله ، وأرسل الإبل معه إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ليلة الخروج من الغار (١).
فلعله اشترى الإبل من أبي بكر ، واستلمها وأرسلها إلى النبي «صلى الله عليه وآله» مع الأريقط.
ما هي الحقيقة؟!
والحقيقة هي : أنهم لما رأوا : أنه «صلى الله عليه وآله» لم يقبل الراحلتين من أبي بكر إلا بالثمن ، ورأوا في ذلك تضعيفا للخليفة الأول ، وفي مقابل ذلك هم يرون : أن عليا يبذل نفسه في سبيل الله ، وتنزل في حقه الآيات ، عوضوا أبا بكر عن ذلك بأنه قد علف الراحلتين هذه المدة الطويلة.
وبعد ما تقدم نقول : إن شراء الرسول للراحلتين ، أو شراء أمير المؤمنين
__________________
(١) ترجمة الإمام علي «عليه السلام» من تاريخ ابن عساكر بتحقيق المحمودي ج ١ ص ١٣٨ والدر المنثور ، وتيسير المطالب ص ٧٥ لكن فيه : أنه قد استأجر الرواحل الثلاث.