رسالته : (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ)(١).
فقد عرفنا : أنه «صلى الله عليه وآله» قد علم الناس الكتاب ، وقد بقي هذا الكتاب بحفظ من الله : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)(٢).
ولكن أين هي تلك الحكمة التي علمها النبي «صلى الله عليه وآله» لأمته ، ونحن نرى : أنه لم يبق منها عند علماء الإسلام ومن يهتم بالأحاديث سوى نحو من خمس مئة حديث في أصول الأحكام ومثلها في أصول السنن (٣) وهل كان من بينها شيء في الحكمة يا ترى؟.
نعم ، نحن نجد في أحاديث الأئمة الأطهار عليهم الصلاة والسلام الكثير من الحكمة ، ومن بينها الكثير من الأحاديث في الأمانة والصدق الذي هو شعبة منها ، وقد جعلوها محورا للأخلاق العملية ، واهتموا بها بصورة عجيبة وظاهرة.
الأرض والمبدأ :
لقد رأينا : أن الأرض ليست هدفا في نظر الإسلام ، وإنما الهدف هو الإسلام نفسه ، فإن المقام في الأرض والاحتفاظ بها ، إذا كان معناه الذل والقهر ، والحرمان ، وعدم تحقيق الأهداف الدينية السامية الكبرى ، التي تكون بها سعادة الإنسان ، فيجب ترك هذه الأرض والتخلي عنها إلى غيرها ، من أجل الصلاح والإصلاح ، وبناء المستقبل ، والحصول على السعادة والكرامة الحقيقية.
__________________
(١) الآية ١٦٤ من سورة آل عمران.
(٢) الآية ٩ من سورة الحجر.
(٣) مناقب الشافعي ج ١ ص ٤١٩ وعن الوحي المحمدي ص ٢٤٣.