فكان لا بد أن يتحركوا لإثبات فضائل لأبي بكر ، وتضحيات له جسام.
ثم يوجهون قضية الراحلة بأنه «صلى الله عليه وآله» أراد أن تكون هجرته لله تعالى : بنفسه وماله (١).
ولكنهم يعودون فينسون هذا التوجيه حينما يذكرون الأمور التي تقدمت الإشارة إليها مثل جراب الزاد والشاة المطبوخة ، ومنحة الغنم حين الهجرة وغير ذلك ، ويغفلون عن التناقض الظاهر بين كونه أراد الهجرة بنفسه وماله وبين إنفاقاته الكبيرة من مال أبي بكر وزاده ومنحته و.. و.. الخ ..
ولا بأس بالتناقض في أقوال النبي «صلى الله عليه وآله» وأفعاله ، ما دام أنه لم تنقض فضيلة لأبي بكر ، ولم يحرم منها!!.
التزوير ، والتحوير :
ولكن الصحيح هو : أن ما قاله «صلى الله عليه وآله» إنما كان بالنسبة لأموال خديجة : «ما نفعني مال قط مثلما نفعني مال خديجة» ـ كما تقدم ـ وقد حور لصالح أبي بكر ، وصيغ بصيغ مختلفة.
والعبارات التي تصب في مجرى واحد ، وتشير إلى هدف فارد ، وهو إثبات فضيلة لأبي بكر وأبي بكر فقط كثيرة شأنها شأن كثير من الأحاديث التي أشار إليها المعتزلي في شرحه للنهج ، وذكر أنها من وضع البكرية في مقابل فضائل أمير المؤمنين «عليه السلام» ، وكما يظهر لكل أحد بالتتبع والمقارنة.
__________________
(١) فتح الباري ج ٧ باب الهجرة ، ص ١٨٣ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٢.