إشارة عامة :
ولذلك فإن بالإمكان الاستنتاج من ذلك : أن الظاهر : هو أن النبي «صلى الله عليه وآله» بعد أن لم يستطع إقناع أبي بكر بالكف عن المن عليه بأنه قد ترك أمواله وداره في مكة ، وأنه رافقه إلى الغار ، وتحمل الأخطار ، وحزن وجزع خوفا من الأعداء ، بعد أن لم يستطع إقناعه بذلك اضطر «صلى الله عليه وآله» إلى أن يخبر الناس بحالة أبي بكر هذه ، علّه يكف عن بعض ما كان يفعل ، وذلك كأسلوب اضطراري أخير من أساليب التربية والتوجيه ، لا سيما وأن ما يمن به عليه لم يكن أبو بكر متفردا به ؛ فإن الكل كان قد هاجر وترك ماله ، وأرضه ووطنه ، والكل قد تحمل الأخطار والمتاعب ، وكثير منهم تعرض إلى أقسى أنواع التعذيب والتنكيل.
وعن مقامه معه في الغار ، فإن الخطر على أمير المؤمنين كان أعظم من الخطر على أبي بكر ؛ فلماذا إذن هذا المن منه ، حتى عده النبي «صلى الله عليه وآله» أمنّ الناس عليه؟!.
رابعا : وإذا كان أبو بكر ـ كما يقول الطوسي والمفيد ـ في أول أمره معلما للأولاد ، ثم صار خياطا ، ولم يكن قسمه إلا كواحد من المسلمين ، ولذا احتاج إلى مواساة الأنصار له.
وكان أبوه صيادا ، ثم صار ينش الذباب ، وينادي على مائدة ابن جدعان بشبع بطنه ، وستر عورته (١).
__________________
(١) تلخيص الشافي ج ٣ ص ٢٣٨ ، ودلائل الصدق ج ٢ ص ١٣٠ ، والإفصاح ص ١٣٥ وراجع الغدير ج ٨ ص ٥١. ويشك المحقق السيد مهدي الروحاني في