الله سبحانه ، فهو أيضا لا يصح ، إذ لم نجد في التاريخ ما يدل على ذلك.
بل لقد وجدنا ما يدل على خلافه ، فإن أبا بكر قد ضن بماله إلى حد أنه لم يتصدق ولو بدر همين في قصة النجوى ، ولم يفعل ذلك سوى أمير المؤمنين «عليه السلام» ، حتى أنزل الله تعالى قرآنا يؤنب فيه الصحابة ويلومهم على ذلك ثم تاب عليهم ، قال تعالى : (أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ ..) الآية» (١).
ولو أن أبا بكر تصدق بدرهمين لم يكن ممن توجه إليهم هذا العتاب منه تعالى.
ثالثا : والأهم من ذلك : أنه لا معنى لأن يكون الإنفاق لوجه الله ، ثم يمن المنفق على الرسول «صلى الله عليه وآله» ، كما أخبر «صلى الله عليه وآله» عنه كما تزعم الرواية ، بل المنة لله ولرسوله عليه في ذلك.
وقد نهى الله عن المن ، فقال : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى ..)(٢) ، وقال : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ)(٣).
ولذلك فإننا لا يمكننا أن نقبل : أن النبي «صلى الله عليه وآله» يمدح هذا المنّان عليه (أي على المن) ويقرضه لأجله ولا سيما وهو أمنّ الناس عليه في صحبته وماله.
__________________
(١) الآية ١٣ من سورة المجادلة ، وراجع دلائل الصدق ج ٢ ص ١٢٠ ، والأوائل ج ١ ص ٢٩٧ ، وهامش تلخيص الشافي ج ٣ ص ٢٣٥ و ٣٧ ، عن العديد من المصادر.
(٢) الآية ٢٦٤ من سورة البقرة.
(٣) الآية ٦ من سورة المدثر.