ثانيا : إن ذلك لا يمنع من تعرضه «عليه السلام» للجراح وقطع الأعضاء والأسر والتعذيب البالغ.
وهو أمر يتجنبه ويخشاه الناس وسيأتي بعد صفحات ما يؤيد الجواب الأول وأنه «عليه السلام» قد كان موطنا نفسه على القتل والأسر ومعنى ذلك هو أنه كان لا يقطع بالبقاء إلى ما بعد وفاة النبي «صلى الله عليه وآله» ، لأجل إمكانية حصول البداء في هذا الأمر لما قلنا.
قريش والمبيت :
ويقول البعض أيضا : «إن هذا الذي كان من علي ليلة الهجرة في تحديه لقريش هذا التحدي السافر ، وفي استخفافه بها ، وقيامه بينها ثلاثة أيام يغدو ويروح إن ذلك لا تنساه قريش لعلي أبدا.
ولو لا أنها وجدت في قتله يومئذ إثارة فتنة تمزق وحدتها ، وتشتت شملها ، دون أن يكون في ذلك ما يبلغ بها غايتها في محمد «صلى الله عليه وآله» ـ لو لا ذلك ـ لقتلته ، وشفت ما بصدرها منه ، ولكنها تركته ، وانتظرت الأيام لتسوي حسابها معه» (١).
ولقد كان حسابا عسيرا حقا ، ولا سيما بعد أن أضاف إلى ذلك : أنه قتل رجالها ، وجندل صناديدها ، وبقي اليد الطولى لابن عمه يضرب بها هنا وهناك كل متكبر جبار ، أين وأنى شاء.
وقد بدأ هذا الحساب العسير فور استشهاده «صلى الله عليه وآله» ، وحتى قبل أن يغسل ويكفن ويدفن.
__________________
(١) علي بن أبي طالب لعبد الكريم الخطيب ص ١٠٦.