٢ ـ لقد كان علي في موقفه تجاه النبي «صلى الله عليه وآله» مثلا أعلى للإنسانية الكاملة ، فقد عرف الناس معنى الإخلاص ، وماهية التضحية ، وحقيقة الإيمان.
حيث إنه يرى نفسه مقتولا على كل حال ، إما لظن المشركين أنه رسول الله ، فيخبطوه بأسيافهم ضربة رجل واحد ، وإما انتقاما منه ، حيث كان سببا لخلاص من سفه أحلامهم ، وعاب آلهتهم ، وفرق جماعتهم ، وهم يعرفون أيضا حب النبي «صلى الله عليه وآله» له ومنزلته منه ، فإذا قتلوه فإنما يقتلون أخاه وابن عمه ، والرجل المخلص الذي يفديه بنفسه (١).
وأما انصرافهم عنه ، بعد ظهور الأمر ، فهو إما خوفا منه ، بعد أن رأوا ما فعله بخالد ، وإما من أجل توفير الفرصة للبحث عن غريمهم الأصلي والأهم بالنسبة إليهم.
بقي هنا سؤال :
وهو أنه إذا كان علي «عليه السلام» يعلم بأن حديث الدار يدل على أنه «عليه السلام» لن يقتل في هذه الحادثة ، بل هو سوف يعيش إلى ما بعد الرسول «صلى الله عليه وآله» ليكون وصيه وخليفته من بعده ، فلا تبقى له فضيلة في مبيته على فراش النبي «صلى الله عليه وآله» ليلة الهجرة.
والجواب :
أولا : إن ذلك لا يمنع من حصول البداء في هذا الأمر حسبما أشرنا إليه في أوائل هذا الكتاب.
__________________
(١) المصدر السابق ص ١٠٧ و ١٠٨.