٦ ـ هل كانت هذه سفرة فاشلة؟!.
ولربما يتساءل البعض : عن الفائدة لهذه الرحلة الفاشلة؟ وفي جوابه نقول : إن هذه الرحلة لم تكن فاشلة ، كما ربما يتصور البعض ، فإن من الطبيعي أن تترك هذه الحادثة آثارا إيجابية من نوع ما في أذهان من التقى بهم ، وكلمهم ، وأن تثمر فيما بعد ثمارها المطلوبة والمرجوة منها ، حيث قد أثرت بشكل واضح في تهيئة الجو لإيمان ثقيف فيما بعد ذلك عندما قويت شوكة الإسلام ، ولم تعد تخشى الضغوط الاقتصادية والاجتماعية عليها ممن حولها ، ولا سيما من قريش بل أصبح الضغط من جانب المسلمين ؛ لأن القبائل كانت تفد إلى النبي «صلى الله عليه وآله» فتعلن عن إسلامها ، ويكتب لها كتابا ، ويشترط قطع العلاقات مع المشركين فأخافهم ذلك وأرعبهم.
وقد كانت قريش تشيع عن النبي «صلى الله عليه وآله» : أنه مجنون أو ساحر ، أو كاهن إلخ ، فها هو «صلى الله عليه وآله» يتصل بالناس مباشرة ، ويلمسون بأنفسهم حقيقة الأمر ، ويتعرفون عن قرب على شخصيته وخصائصه ، بحيث تسقط كل الإشاعات الكاذبة والمغرضة ؛ وليصير الإيمان به وبرسالته وبنبوته أسهل وأيسر ، وليصبح أكثر قوة وعمقا ورسوخا.