وعن أصحاب الشافعي العارفين بمذهبه القول بتحريمه كالمزني وغيره ، وأنكروا على من نسب إليه حلّه ، كالقاضي أبي الطيب ، وله في ذم الغناء والمنع عنه كتاب مصنف ولأبي بكر الطرطوشي كتاب في الغناء ، وأيضا حرمه الطبري ، والشيخ أبو إسحاق في التنبيه ، ونص على حرمته المحاسبي ، والنحاس ، والقفال ونهى عنه القاسم بن محمد ، والضحاك ، والوليد بن يزيد ، وعمر بن عبد العزيز ، وغيرهم ممن لا يمكن حصرهم.
ونقل ابن الصلاح إجماع أهل الحل والعقد من المسلمين على تحريمه.
وذكر الطبري إجماع أهل الأمصار على كراهته ، والمنع عنه سوى إبراهيم بن سعد ، وعبد الله العنبري (١).
الغناء عند أهل الكتاب :
وإذا كان الغناء أمرا غريبا عن الإسلام ، فلا بد أن نتساءل من أين تسرب هذا الأمر إلى بعض المسلمين ، حتى أصروا على حليته ، وممارسته وحتى أصبح من شعار الصوفية ، كما هو معلوم؟!
والجواب : أن ذلك قد تسرب إليهم من أهل الكتاب.
فقد قال ابن كثير : وهو يتحدث عن مريم أخت عمران التي كانت في زمان موسى : «وضربها بالدف في مثل هذا اليوم ، الذي هو أعظم الأعياد عندهم دليل على أنه قد كان شرع من قبلنا ضرب الدف في العيد» (٢) ثم
__________________
(١) ذلك كله في كتاب : الغدير ج ٨ ص ٧٢ ـ ٧٤ والمدخل لابن الحاج ـ ج ٣ ص ٩٦ ـ ١١٠ ، وفي هذا الأخير زيادات هامة لم نذكرها روما للاختصار.
(٢) البداية والنهاية ج ١ ص ٢٧٦.