بقلوبهم ، ويصلح بك ذات بينهم ، ويؤلف بين قلوبهم» (١).
٣ ـ تعاليم الشريعة السمحاء :
إن تعاليم الإسلام لهي التعاليم الموافقة للفطرة السليمة ، وبلا تعقيد أو إبهام فيها ، فهي بسيطة وسهلة ، لا يحتاج إدراك حقانيتها إلى تفكير عميق ، أو إجهاد في فهم مراميها ، والتكهن بنتائجها.
ولذلك نجد أهل المدينة يدركون بسرعة قدرة هذه الدعوة على حل مشاكلهم ، فيسارعون إلى قبولها ، بمجرد سماعهم لأهدافها ، ومبادئها.
ومن الواضح : أن أهل المدينة كانوا لا يعانون من ظروف أهل مكة ، الذين يحاربون الإسلام لأنهم رأوا فيه خطرا على مصالحهم الشخصية ، وامتيازاتهم الظالمة التي فرضوها لأنفسهم ، وأهوائهم وانحرافاتهم ، كما أوضحناه في غير موضع.
إن أهل المدينة بالإضافة إلى إخبارات اليهود لهم ، قد رأوا منذ اللحظات الأولى في الإسلام وتعاليمه المنقذ لهم ، والمخرج من الظلمات إلى النور ، ومن الموت إلى الحياة ، ورأوا فيه الموافقة للفطرة والعقل السليم ، سواء على صعيد العقائد أو التشريع ، أو على صعيد اتخاذ القرار الاجتماعي والسياسي ، فقد سألوا النبي «صلى الله عليه وآله» عما يدعو إليه ، فقال : إلى شهادة أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، وأدعوكم إلى : (أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ،
__________________
(١) الثقات لابن حبان ج ١ ص ٩٠ و ٩١.