ثالثا : وقد أشار العلامة الطباطبائي أيضا إلى بعض الآيات الدالة على وجود النفاق في مكة ، وذلك كقوله تعالى : (وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً)(١) حيث قد وردت هذه الآية في سورة المدثر وهي مكية ، وكذا قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللهِ وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ أَوَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ)(٢). فإن سورة العنكبوت مكية أيضا ، والآية مشتملة على حديث الإيذاء والفتنة في الله ، وذلك إنما كان في مكة لا في المدينة ، وقوله تعالى : (وَلَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ) لا يدل على نزول الآية في المدينة لأن النصر له مصاديق ومراتب كثيرة.
وأضيف هنا : أن الله تعالى إنما يحكي حالة المنافقين المستقبلية بشكل عام.
ثم قال العلامة الطباطبائي : احتمال أن يكون المراد بالفتنة ما وقع بمكة بعد الهجرة ، غير ضائر ؛ فإن هؤلاء المفتونين بمكة بعد الهجرة إنما كانوا من الذين آمنوا بالنبي «صلى الله عليه وآله» قبل الهجرة ، وإن أوذوا بعدها (٣).
ملاحظة هامة على ما تقدم :
هذا ، ويلاحظ العلامة الطباطبائي أخيرا : أننا لم نزل نسمع ذكرا
__________________
(١) الآية ٣١ من سورة المدثر.
(٢) الآية ١٠ من سورة العنكبوت.
(٣) راجع : تفسير الميزان ج ٢٠ ص ٩٠ و ٩١.