كما أنه لم يكن يتفكه ويتنعم بإنفاق الأموال.
وأما بعد الهجرة إلى المدينة ، فإن أبا بكر قد ضن بماله ، الذي كان خمسة أو ستة آلاف درهم ـ كما يقولون ـ عن كل أحد ، حتى عن ابنته أسماء التي كانت في أقسى حالات الفقر والجهد ، حينما قدمت المدينة ، حتى لقد كانت تخدم البيت ، وتسوس الفرس وتدق النوى لناضحه ، وتعلفه ، وتستقي الماء ، وتنقل النوى على رأسها من بعد ثلثي فرسخ ، حتى أرسل إليها أبوها خادما كفتها سياسة الفرس ، كما ادّعت (١).
كما أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد مر في سنوات ضيق شديدة وصعبة ، ولا سيما قبل خيبر ، حتى لقد كان ربما يبقى اليومين أو الثلاثة بلا طعام ، حتى يشد على بطنه الحجر (٢) وكان الأنصار يتعاهدونه بجفان الطعام ، فأين كانت عنه أموال أبي بكر وآلاف دراهمه ، التي بقيت إلى تبوك ، حيث يدّعون : أنه جاء بجميع ماله ، وهو أربعة آلاف درهم حينئذ؟! (٣).
هذا كله : لو كان مرادهم المنة على رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالإنفاق عليه.
ثانيا : إن كان المراد المن على الرسول «صلى الله عليه وآله» بالإنفاق في سبيل
__________________
(١) راجع : حديث الإفك ص ١٥٢ وراجع : عنوان «لا مال لأبي بكر لينفق على أحد» في الجزء الثالث عشر وفي الجزء الثاني عشر الطبعة الرابعة.
(٢) وقد وصفت عائشة حالته هو وأهل بيته بما يقرح القلوب ، فراجع : طبقات ابن سعد ج ١ قسم ٢ ص ١٢٠ وليراجع من ص ١١٢ حتى ص ١٢٠.
(٣) حياة الصحابة ج ١ ص ٤٢٩ عن ابن عساكر ج ١ ص ١١٠.