ومما ذكرناه نعرف : عدم صحة ما روي عن يزيد بن الأصم ـ المتوفى بعد المئة عن ٧٣ سنة ـ من أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال لأبي بكر : أنا أكبر أو أنت؟
قال : لا ، بل أنت أكبر مني وأكرم ، وخير مني ، وأنا أسن منك (١).
وأما الاعتذار عن ذلك : بأن الشيب كان في وجه أبي بكر ولحيته كثيرا بخلافه «صلى الله عليه وآله» (٢) ـ أو أن أبا بكر كان تاجرا ، يعرفه الناس في المدينة عند اختلافه إلى الشام ـ فلا يصح ؛ لأن الشيب وعدمه لا يخفي الشيخوخة والشباب ، حتى لقد ورد التعبير في بعض تلك المرويات ب «ما هذا الغلام بين يديك»؟
فما معنى التعبير بالغلام عن رجل يزيد عمره على خمسين سنة؟
إلا أن يقال : الغلام يطلق على الشيخ والشاب فهو من الأضداد.
وأيضا : فقد روي عن ابن عباس بسند صحيح : أن أبا بكر قال للنبي «صلى الله عليه وآله» : يا رسول الله قد شبت؟ قال : شيبتني هود والواقعة والخ ..
وروى الحفاظ مثله عن ابن مسعود ، وعن أبي جحيفة ، قالوا : يا رسول الله ، نراك قد شبت ، قال : شيبتني هود وأخواتها (٣).
__________________
(١) الغدير ج ٧ ص ٢٧٠ عن الإستيعاب ج ٢ ص ٢٢٦ ، والرياض النضرة ج ١ ص ١٢٧ وتاريخ الخلفاء ص ٧٢ عن خليفة بن خياط ، وأحمد بن حنبل وابن عساكر.
(٢) فتح الباري ج ٧ ص ١٩٥ ، وراجع الغدير ج ٧ ص ٢٦٠ و ٢٦١.
(٣) مستدرك الحاكم ج ٢ ص ٣٤٣ وتلخيصه للذهبي هامش نفس الصفحة واللمع لأبي نصر ص ٢٨٠ وتفسير ابن كثير ج ٢ ص ٤٣٥ ، والغدير ج ٧ ص ٢٦١ عنهم وعن تفسير القرطبي ج ٧ ص ١ وتفسير الخازن ج ٢ ص ٣٣٥ وعن جامع الحافظ الترمذي ، ونوادر الأصول للحكيم الترمذي ، وأبي يعلى ، والطبراني ، وابن أبى شيبة.