يروون فضائله ومناقبه ، فأدنوا مجالسهم ، وقربوهم ، وأكرموهم ، واكتبوا إلي بكل ما يروي كل رجل منهم ، واسمه واسم أبيه ، وعشيرته ففعلوا ذلك ، حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه ، لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصلات ، والكساء ، والحباء ، والقطائع ، ويفيضه في العرب منهم والموالي.
فكثر ذلك في كل مصر ، وتنافسوا في المنازل والدنيا ، فليس يجد امرؤ من الناس عاملا من عمال معاوية ، فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلا كتب اسمه ، وقربه ، وشفعه ، فلبثوا بذلك حينا.
ثم كتب إلى عماله : إن الحديث في عثمان قد جهر وفشا في كل مصر ، وكل وجه وناحية ، فإذا جاءكم كتابي هذا ، فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة ، والخلفاء الأولين ، ولا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وأتوني بمناقض له في الصحابة ، فإن هذا أحب إلي ، وأقر لعيني ، وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته ، وأشد عليهم من مناقب عثمان وفضله.
فقرئت كتبه على الناس ، ورويت أحاديث كثيرة في مناقب الصحابة ، مفتعلة لا حقيقة لها ، وجدّ الناس في رواية ما يجري هذا المجرى ، حتى أشادوا بذكر ذلك على المنابر وألقي إلى معلمي الكتاب ، فعلموا صبيانهم وغلمانهم من ذلك الكثير الواسع ، حتى رووه وتعلموه كما يتعلمون القرآن ، وحتى علموه بناتهم ، ونساءهم ، وخدمهم ، وحشمهم ، فلبثوا بذلك ما شاء الله.
ثم كتب إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع البلدان : انظروا من قامت عليه البينة : أنه يحب عليا ، وأهل بيته ، فامحوه من الديوان ، وأسقطوا عطاءه ورزقه.
وشفع ذلك بنسخة أخرى : من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم ، فنكلوا