٥ ـ وأما دعوى ابن تيمية : أن حديث حراسة جبرائيل وميكائيل له «عليه السلام» ، ونزول الآية فيه ، كذب باتفاق أهل العلم بالحديث والسير.
فلا تصح أصلا ، فإننا لم نجد أحدا منهم صرح بكذب هذه الرواية سواه ، فهو يدعي عليهم ما لا يعرفون ، وينسب إليهم ما هم منه بريئون.
بل عرفت تصحيح الحاكم والذهبي لهذا الحديث ، وتقدم أيضا طائفة كبيرة من الذين رووه من كبار العلماء والحفاظ ، من دون غمز فيه أو لمز.
إلا أن يكون شيطان ابن تيمية قد أوحى إليه بأن ينسب إليهم ما هم منه براء.
٦ ـ وأجاب الحلبي عن كلام ابن تيمية بقوله : «.. لكنه في الإمتاع لم يذكر أنه «صلى الله عليه وآله» قال لعلي ما ذكر ؛ أي لن يصل إليك شيء تكرهه وعليه فيكون فداؤه للنبي بنفسه واضحا.
ولا مانع من تكرار نزول الآية في حق علي ، وفي حق صهيب. وحينئذ يكون «شرى» في حق علي «رضي الله عنه» بمعنى باع ، أي باع نفسه بحياة المصطفى ، وفي حق صهيب بمعنى اشترى ، أي اشترى نفسه بماله.
ونزول هذه الآية بمكة لا يخرج سورة البقرة عن كونها مدنية ؛ لأن الحكم يكون للغالب» (١). انتهى.
ولكن بعض ما أجاب به الحلبي محل نظر ؛ فإن استعمال شرى بمعنى باع تارة وبمعنى اشترى أخرى محل نظر ؛ لأنه يلزم منه استعمال المشترك في أكثر من معنى ، وقد منعه طائفة من العلماء.
وإن كنا نحن نرى : أنه لا مانع من ذلك ؛ إلا ما كان من قبيل
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٧.