ويجب أن يعلم : أن صهيبا كان من أعوان الهيئة الحاكمة بعد النبي «صلى الله عليه وآله» ، وممن تخلف عن بيعة أمير المؤمنين ، وكان يعادي أهل البيت «عليهم السلام» (١).
فلعل المقصود هو مكافأته على مواقفه تلك ، بمنحه هذه الفضيلة الثابتة لأمير المؤمنين «عليه السلام» ، فيكون هؤلاء قد أصابوا عصفورين بحجر واحد حينما يزين لهم شيطانهم أن عليا يخسر وخصومه يربحون.
٦ ـ بقي في كلام ابن تيمية المتقدم قوله : إن سورة البقرة مدنية ، ولو صح نزولها في علي «عليه السلام» لكانت مكية.
وجوابه واضح : فإن نزول الآية لو سلم أنه كان في نفس ليلة المبيت ، فمن الواضح أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان حينئذ في الغار ، وليس معه سوى أبي بكر ؛ فلم يكن ثمة مجال للإعلان بنزول الآية إلا بعد وصوله «صلى الله عليه وآله» إلى المدينة ، واستقراره فيها ، ثم إتاحة الفرصة له في الظرف المناسب لإظهار هذه الفضيلة العظيمة لابن عمه ووصيه.
فلا بأس أن تعد بهذا الاعتبار مدنية ، وتجعل في سورة البقرة ، التي كان نزولها في مطلع الهجرة ، كما هو معلوم.
هذا بالإضافة إلى أن وجود آية مكية في سورة مدنية ليس بعزيز.
وأما ما ذكره الحلبي من تكرر نزول الآية فلا دليل عليه ، بل الأدلة الآنفة تدفعه وتنافيه.
__________________
(١) راجع ذلك وغيره في ترجمة صهيب في قاموس الرجال ج ٥ ص ١٣٥ ـ ١٣٧.