عشيرته الأقربين (١).
بل إن مما يوضح ذلك بشكل قاطع ، ما قاله أحد بني عامر بن صعصعة لما جاء رسول الله «صلى الله عليه وآله» يعرض عليهم قبول دعوته : «والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب» ، وقد تقدم بعض المصادر لذلك.
ثم إنه إذا كان هذا النفاق يهدف إلى استخدام الدعوة لأهداف شخصية ، فهو بالتالي مضطر إلى الحفاظ على هذه الدعوة بمقدار اضطراره إلى الحفاظ على مصالحه وأهدافه تلك ، ما دام يرى أو يأمل منها أن تتمكن من تحقيق ما يتمناه ، وتوصله إلى أهدافه التي يرجوها.
وهكذا يتضح : أنه ليس من الضروري أن يكون المنافق مهتما بالكيد للدعوة التي لا يؤمن بها ، والعمل على تحطيمها وإفسادها ، بل ربما يكون حريصا عليها كل الحرص ، يفديها بالمال والجاه ـ لا بالنفس ـ إذا كان يأمل أن يحصل على ما هو أعلى وأغلى فيما بعد ، ويمكن ملاحظة ذلك بسهولة في بعض مسلمي مكة ، الذين كانوا يواكبون الدعوة ويعاونونها ما دام لم تصل النوبة إلى التضحية بالنفس والموت ، فإذا كان ذلك فإنهم يفرون ، وينهزمون ، ويتركون النبي وشأنه ، وقد رأينا ذلك في كثير من المواقف.
نعم ، ربما يتمكن الدين تدريجيا من نفوس بعضهم ، وتحصل لهم قناعة
__________________
(١) راجع : الثقات ج ١ ص ٨٨ والبداية والنهاية ج ٣ ص ١٤٠ وراجع ص ١٤٢ و ١٤٥ عن دلائل النبوة لأبي نعيم والحاكم والبيهقي وحياة الصحابة ج ١ ص ٧٢ و ٨٠ عن البداية والنهاية وعن كنز العمال ج ١ ص ٢٧٧.