المسلمين في مثل الحصن من كتائبهم ، فأحدقوا بكل وجه من الخندق ، ووجهوا نحو خيمة رسول الله «صلى الله عليه وآله» كتيبة غليظة ، فيها خالد بن الوليد ، فقاتلوهم إلى الليل ، وكان القتال من وراء الخندق.
فلما حان وقت صلاة العصر دنت الكتيبة فلم يقدر النبي ، ولا أحد من أصحابه الذين كانوا معه أن يصلوا الصلاة على نحو ما أرادوا ، فانكفأت الكتيبة مع الليل ، فزعموا أنه «صلى الله عليه وآله» قال : شغلونا عن صلاة العصر ملأ الله بطوبهم (أو قبورهم) نارا.
وفي نص آخر : أنه «صلى الله عليه وآله» ما قدر على صلاة ظهر ، ولا عصر ، ولا مغرب ، ولا عشاء ، فجعل أصحابه يقولون : ما صلينا.
فيقول : ولا أنا ـ والله ـ ما صليت.
حتى كشف الله المشركين ، فرجعوا متفرقين ، ورجع كل من الفريقين إلى منزله.
وقام أسيد بن حضير في ماءتين على شفير الخندق ، فكرت خيل المشركين يطلبون غرة ، وعليها خالد بن الوليد ، فناوشهم ساعة ، فزرق وحشي الطفيل بن النعمان. وقيل : الطفيل بن مالك بن النعمان بن خنساء الأنصاري السلمي بمزراقة ، فقتله ، كما قتل حمزة رضي الله عنه بأحد.
فلما صار رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى موضع قبته أمر بلالا ، فأذن وأقام للظهر ، وأقام بعد لكل صلاة إقامة ، فصلى كل صلاة كأحسن ما كان يصليها في وقتها ، وذلك قبل أن تنزل صلاة الخوف.
أضاف البعض هنا قوله «صلى الله عليه وآله» : ما على وجه الأرض قوم يذكرون الله تعالى في هذه الساعة غيركم.