ولكن هذا النص الأخير : لا ينسجم مع ما تقدم ، وما سيأتي في حديث حذيفة أيضا : من أن إرسال الريح عليهم إنما كان بعد دعاء النبي «صلى الله عليه وآله» عليهم ، وذلك بعد قتل عمرو بن عبدود ، وأن ذلك لم يدم إلا مدة يسيرة انتهت بفرارهم. بل لقد أخبرهم النبي «صلى الله عليه وآله» ليلة الأحزاب بالريح ، كما صرحت به النصوص.
كما أننا لا نرى مبررا لأن يصمدوا أمام هذه الريح العاتية هذه المدة الطويلة.
والنصوص التاريخية حول ما صنعته الريح بهم كثيرة ، وسيأتي في حديث حذيفة المزيد.
أما بالنسبة : لإرسال الملائكة ، فإن النصوص فيه أيضا كثيرة.
ويذكر المفسرون : أن آية قرآنية قد ذكرت إرسال الريح والملائكة على الأحزاب ، وهي قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً)(١).
ويظهر من بعض النصوص : أن ما فعلته الريح هو نفس ما فعلته الملائكة ، وأن حركة الريح هي حركة الملائكة بالذات ، فهو يقول :
وكثر يومئذ تكبير الملائكة في جوانب عسكرهم ، وكانوا ألفا. ولم تقاتل يومئذ ، وسمعوا قعقة السلاح ، ولكن قلعت الأوتاد ، وقطعت أطناب الفساطيط ، وأطفأت النيران ، وأكفأت القدور ، وجالت الخيل بعضها في
__________________
(١) الآية ٩ من سورة الأحزاب.