قد أمر حذيفة بأن يأتي قريشا فيقول : يا معشر قريش ، إنما يريد الناس الخ .. ثم يأتي كنانة فيقول كذا وكذا ، ثم يأتي قيسا فيقول كذا وكذا ...
وهذا لا ينسجم مع عنصر السرية الذي كان مطلوبا لحذيفة في ظروف كهذه. كما لا ينسجم مع ما جرى بينه وبين جليسيه حين طلب أبو سفيان أن يعرف كل منهم جليسه.
وخامسا :
ألف : إن بعض المصادر ذكرت : أنه لما سأل حذيفة جليسه عن اسمه. قال : سبحان الله ، أما تعرفني؟! أنا فلان بن فلان ، فإذا رجل من هوازن.
فما معنى تعجب هذا الرجل؟ فهل رأى حذيفة وجهه في ذلك الظلام الدامس ولم يعرفه ، فأثار ذلك تعجبه؟!.
ب : كما أننا نعرف أن حذيفة قد حضر حرب أحد ، وكان أبو سفيان قائد جيش المشركين في أحد ، فهل لم يكن قد رآه آنئذ ، ليقول هنا : إنه لم يكن يعرف أبا سفيان حتى ذلك الوقت؟!.
وحين رآه واقفا يوقد النار ويستدفئ بها كيف عرف أنه أبو سفيان؟ فلعله رجل آخر من هذا الجيش الكثيف.
ج : تذكر رواية الراوندي : أن حذيفة قال : «فصرت إلى معسكرهم فلم أجد هناك إلا خيمة أبي سفيان ، وعنده جماعة من وجوه قريش ، وبين أيديهم نار تشتعل مرة ، وتخبو أخرى ، فانسللت فجلست بينهم» (١).
والسؤال هو : لماذا لم يجد إلا خيمة أبي سفيان ، فهل استعصت هذه
__________________
(١) الخرائج والجرائح ج ١ ص ١٥٧ والبحار ج ٢٠ ص ٢٤٨ عنه.