الأحكام الشرعية.
٤ ـ إن المتخالفين في الاجتهاد معذوران ، ومثابان ، سواء قلنا : «إن المصيب واحد ، أو متعدد» (١).
٥ ـ إن استئصال الخلاف في مسائل الفروع ، التي تنبع من دلالات ظنية أمر لا يمكن أن يتصور أو يتم.
حكمة ذلك كله : هو أن تكون الاجتهادات المختلفة وثيقة الصلة بالأدلة المعتبرة شرعا ، ليمكن للمسلمين أن يأخذوا بأيها شاؤوا حسب ظروفهم ومصالحهم. وهذا من مظاهر رحمة الله لهم (٢).
٦ ـ في هذا دليل على أن كل مختلفين في الفروع من المجتهدين مصيب. وفي حكم داود وسليمان في الحرث أصل لهذا الأصل أيضا.
ولا يستحيل أن يكون الشيء صوابا في حق إنسان ، وخطأ في حق غيره. فيكون من اجتهد في مسألة ، فأداه اجتهاده إلى التحليل مصيبا في استحلاله ، وآخر اجتهد فأداه اجتهاده ونظره إلى التحريم مصيبا في تحريمه.
وإنما المحال : أن يحكم في النازلة بحكمين متضادين ، في حق شخص واحد» (٣).
وقال ابن الديبع : «وفي ذلك فسحة للمجتهدين رضي الله عنهم ، وأن كل مجتهد مصيب ، أي في الفروع ، إذا لم يخص واحدا من الفريقين بصواب
__________________
(١) فقه السيرة للبوطي ص ٣٠٧ و ٣٠٨.
(٢) المصدر السابق.
(٣) الروض الأنف ج ٣ ص ٢٨١ وفتح الباري ج ٧ ص ٣١٥ وراجع السيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٣٤.