الأرض ، ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس ـ شهد بدرا مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، حدثنا بذلك محمد بن عمرو ـ يحمل مجنه ، وعلى سعد درع من حديد ، قد خرجت أطرافه منها ، قالت : وكان من أعظم الناس وأطولهم.
قالت : فأنا أتخوف على أطراف سعد ، فمر بي ، يرتجز ويقول :
لبث قليلا يدرك الهيجا حمل |
|
ما أحسن الموت إذا حان الأجل |
قالت : فلما جاوزني قمت ، فاقتحمت حديقة فيها نفر من المسلمين ، فيهم عمر بن الخطاب ، وفيهم رجل عليه تسبغة له ـ قال محمد : والتسبغة : المغفر لا ترى إلا عيناه ـ فقال عمر : إنك لجرية ، ما جاء بك؟ ما يدريك؟ لعله يكون تحوّز ، (تحرف) أو بلاء.
فو الله ما زال يلومني حتى وددت أن الأرض تنشق لي فأدخل فيها ، فكشف الرجل التسبغة عن وجهه : فإذا هو طلحة.
فقال : إنك قد أكثرت ، أين الفرار ، وأين التحوّز (التحرف) إلا إلى الله عز وجل (١).
نقول :
إن طلحة يتضايق من جهر عمر بالفرار أمام عائشة ، ثم لما رأى أنه يكرر ذلك لها ، يستنكر أن يكون هذا فرارا ، ويعتبره فرارا إلى الله عز وجل.
ونلفت النظر هنا : إلى تجاهل جل المؤرخين لهذه الرواية ، رغم أنهم
__________________
(١) تاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٤١ ودلائل النبوة لأبي نعيم ص ٤٣٥ و ٤٣٦ وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص ٢٦٦ وسير أعلام النبلاء ج ١ ص ٢٨٤ والطبقات الكبرى ج ٣ قسم ٢ ص ٣ وكنز العمال ج ١ ص ٢٨٠ عن ابن عساكر.