بمشاعر الناس ، وإثارة غرائزهم العدوانية تجاه بعضهم البعض ، حتى لو كان هؤلاء الناس ممن يلتقي معهم في كثير من التوجهات والانتماءات ، فيحاول الإبقاء على حالة التنافر ، والتنافس بين أبي عبيدة وعمرو بهذا التحريض الذي مارسه في موقفه هذا.
٢ ـ إن المغيرة لا يتورع عن إشراك أناس آخرين في حالة الصراع ، ويسعى ليوغر صدر أبي عبيدة على (ابن فلان) ، لمجرد أنه قبل بمنطق عمرو في أمر تولي عمرو للصلاة.
٣ ـ إن حركة المغيرة هذه يمكن وضعها في سياق تزلف المغيرة لأبي عبيدة أيضا .. وربما يكون سببها في ذلك هو شعور المغيرة بالضعف ، والحاجة إلى مساعدة أبي عبيدة في تحقيق مأرب يعجز المغيرة عن تحقيقه بنفسه ..
٤ ـ والملاحظة الأخيرة لنا هنا : هي أن أبا عبيدة يصرح : بأنه يعتبر عمروا عاصيا لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، ثم يقدم نفسه هو على أنه مطيع لرسول الله «صلىاللهعليهوآله» دونه ..
فهو يشير بذلك : إلى أن قضيته مع عمرو قد تجاوزت حدود الخطأ غير المقصود ، أو الخطأ في الاجتهاد لتصل إلى مستوى التمرد على الآمر ، والمعصية المتعمدة لرسول الله «صلىاللهعليهوآله».
وبذلك يظهر : أن ثمة اختلافا أساسيا في موضوع عدالة الصحابة بين أبي عبيدة وبين أكثر المسلمين من غير الشيعة ، الذين يصرون على عدالتهم ، وعلى ان ما يرتكبونه ما هو إلا خطأ في الاجتهاد ، ولا يصل إلى حد المعصية لله ولرسوله.