فلما رأى عمرو بن العاص وقد فعل علي ذلك ، علم أنه سيظفر بهم ، فحسده فقال لأبي بكر ، وعمر ، ووجوه السرية : إن عليا رجل غر لا خبرة له بهذه المسالك ، ونحن أعرف بها منه ، وهذا الطريق الذي توجه فيه كثير السباع ، وسيلقى الناس من معرتها أشد ما يحاذرونه من العدو ، فاسألوه أن يرجع عنه إلى الجادة.
فعرّفوا أمير المؤمنين «عليهالسلام» ذلك ، قال : من كان طائعا لله ولرسوله منكم فليتبعني ، ومن أراد الخلاف على الله ورسوله فلينصرف عني.
وفي نص آخر : فقال لهم أمير المؤمنين «عليهالسلام» : الزموا رحالكم ، وكفوا عما لا يعنيكم ، واسمعوا وأطيعوا فإني أعلم بما أصنع (١).
فسكتوا ، وساروا معه ، فكان يسير بهم بين الجبال في الليل ، ويكمن في الأودية بالنهار ، وصارت السباع التي فيها كالسنانير ، إلى أن كبس المشركين وهم غارون آمنون وقت الصبح ، فظفر بالرجال ، والذراري ، والأموال ، فحاز ذلك كله ، وشد الرجال في الحبال كالسلاسل ، فلذلك سميت غزاة ذات السلاسل.
فلما كانت الصبيحة التي أغار فيها أمير المؤمنين «عليهالسلام» على العدو ـ ومن المدينة إلى هناك خمس مراحل ـ خرج النبي «صلىاللهعليهوآله» فصلى بالناس الفجر ، وقرأ : «والعاديات» في الركعة الأولى ، وقال : «هذه سورة أنزلها الله عليّ في هذا الوقت ، يخبرني فيها بإغارة علي على العدو ،
__________________
(١) راجع هذه الفقرة : البحار ج ٢١ ص ٧٤ وتفسير القمي ج ٢ ص ٤٣٩ وتفسير نور الثقلين ج ٥ ص ٦٥٧.