كما أن نفس هذا الذي اعترض به ابن عباس والمتضمن لتفصيل واستدلال ، وجرأة ، إنما يتوقع من أناس نشأوا في بيئة غير صالحة ، وممن لا يلزمون أنفسهم بمقتضيات الأدب مع النبي الكريم «صلىاللهعليهوآله» ..
ثانيا : إنهم يزعمون : أن العباس هاجر قبل الفتح بقليل وهو موضع ريب وشك ، بل هو قد أسلم يوم فتح مكة ، قال في الإستيعاب : «أظهر إسلامه يوم فتح مكة ، وشهد حنينا والطائف وتبوك» (١).
وقال البلاذري : «لقي العباس النبي «صلىاللهعليهوآله» بذي الحليفة ، ـ قال ابن هشام : لقيه بالجحفة ـ وهو يريد مكة ، وقد أظهر إسلامه. فأمر النبي «صلىاللهعليهوآله» أن يمضي ثقله إلى المدينة ، وقال له : هجرتك يا عم آخر هجرة ، كما أن نبوتي آخر نبوة» (٢).
ونظن أن أحفاده العباسيين هم الذين حاولوا : أن ينيلوه فضل الهجرة ولو بأن يلتقي بالنبي «صلىاللهعليهوآله» بذي الحليفة ، إذ لا هجرة بعد الفتح. مع أنهم قد غفلوا عن أنه كان لا يزال حين الفتح في مكة ، وهو الذي ضغط على أبي سفيان لكي يظهر الإسلام قبل ضرب عنقه ، وذلك حين
__________________
(١) الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج ٣ ص ٩٥ وراجع : الجوهر النقي ج ٩ ص ١٠٦ وعن ذخائر العقبى ص ١٩١ ومغني المحتاج ج ٤ ص ٢٣٩ وسبل الهدى والرشاد ج ١١ ص ٩٨.
(٢) السيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٨٥٩ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٥٣٤ وأنساب الأشراف ج ١ ص ٢٥٥ وسبل الهدى والرشاد ج ٢ ص ٢١٣ والبداية والنهاية ج ٤ ص ٣٢٨ ومواقف الشيعة ج ١ ص ١٧١ عن عيون الخبار لابن قتيبة ج ١ ص ٥.