من رجل كما ورد في بعض الروايات (١).
ونقول :
ألا يمكن أن يقال : إن خمس مئة رجل قد لا يجرؤون على مهاجمة المدينة ، بعد أن هزم الله يهود خيبر ، وهم أكثر من عشرة آلاف ، بتلك الطريقة المخزية كما تقدم ، وهزم الله المشركين يوم الأحزاب ، وهم ألوف ، وهزمهم الله أيضا في بدر وفي أحد ، وفي سائر المشاهد؟!
إلا إن كان الهدف هو أخذ المسلمين على حين غرة ، قد تنتهي بقتل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ، وانفراط جمع المسلمين. ولكنه احتمال بعيد ، فإن الإسلام قد انتشر وشاع وذاع ، وكثر له الأتباع في جميع الأصقاع ، ولا بد أن يوجب قتل رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ثورة جميع الناس ضد بني خثعم.
إن هذا يقوي احتمال تعدد هذه الواقعة ، وتعدد فرار أولئك القوم ، أعني أبا بكر ، وعمر ، قد جاء ليزيل به أية شبهة في عدم صحة ما يدّعونه لأنفسهم من فضل وكرامات ، ومواقف وبطولات ، فظهرت هزيمتهم في المواقف المختلفة لكي لا يتخيل أحد : أن ما جرى لهم في بني قريظة ، ثم في خيبر ، ثم في فدك ، وقد كان مجرد حالة عفوية ، طارئة ، فرضتها معطيات مفاجئة ، لم يكونوا يظنون أنهم سوف يواجهونها ..
يضاف إلى ذلك كله ، فرارهم المتوالي في سرية وادي يابس ، وسرية ذات السلاسل ، وربما وادي الرمل ، وسوى ذلك مما يتأكد احتماله لدى
__________________
(١) البحار ج ٢١ ص ٨٥ و ٨٦ و ٨٨ وتفسير فرات ص ٥٩٣.