وعلى كل حال ، فقد قالوا : بعث رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أبا عبيدة بن الجراح في سرية فيها المهاجرون والأنصار ، وهم ثلاثمائة رجل إلى ساحل البحر ، إلى حي من جهينة ، فأصابهم جوع شديد ، فأمر أبو عبيدة بالزاد فجمع حتى إنهم كانوا ليقتسمون التمرة.
فقيل لجابر : فما يغني ثلث تمرة.
قال : لقد وجدوا فقدها.
قال : ولم تكن معهم حمولة. إنما كانوا على أقدامهم ، وأباعر يحملون عليها زادهم. فأكلوا الخبط ، حتى إن شدق أحدهم بمنزلة مشفر البعير العضة.
فمكثنا على ذلك حتى قال قائلهم : لو لقينا عدوا ما كان بنا من حركة إليه. لما بالناس من الجهد.
فقال قيس بن سعد : من يشتري مني تمرا بجزر. يوفيني الجزر ههنا ، وأو فيه التمر بالمدينة؟
فجعل عمر يقول : واعجباه لهذا الغلام ، لا مال له ، يدّان في مال غيره.
فوجد رجلا من جهينة ، فقال قيس بن سعد : بعني جزرا وأوفيك سقة من تمر بالمدينة.
قال الجهني : والله ما أعرفك. ومن أنت.
قال : أنا قيس بن سعد بن عبادة بن دليم.
قال الجهني : ما أعرفني بنسبك. أما إن بيني وبين سعد خلة ، سيد أهل يثرب.
فابتاع منهم خمس جزر ، كل جزور بوسقين من تمر. يشرط عليه البدوي تمر ذخيرة مصلبة من تمر آل دليم.