المسلمون .. ولذلك اقتصر عدد قتلى المسلمين على ثمانية شهداء ، وقيل : قتل اثنا عشر شهيدا ، أو نحو ذلك. كما سيأتي إن شاء الله تعالى ..
ولكننا نقول :
إن ذلك موضع شك كبير. ومن موجبات هذا الشك :
أن هذا الرقم للقتلى لا يتناسب مع قولهم أيضا : إن الحرب قد دامت سبعة أيام (١).
ويؤيد ذلك قولهم المتقدم : إن ابن عمر جاء إلى ابن رواحة بعرق من لحم ، وقال له : «شد بهذا صلبك ، فإنك لقيت في أيامك هذه ما لقيت».
حيث يشير إلى أن ابن رواحة قد لقي مصاعب كبيرة خلال أيام مرت عليه ، ولعلها هي الأيام السبعة المشار إليها ، وكان ـ فيما يبدو ـ يمارس القتال المجهد فيها.
وأما احتمال أن يكون المراد هو : مشقات قطع المسافات الطويلة من المدينة إلى مؤتة ، فهو بعيد عن الذهن ، وليس له ما يؤيده.
ويؤيد ذلك : ما سيأتي من أن المسلمين اعتمدوا أسلوب مبارزة الفرسان ، وهي طريقة ممتعة ، يظهر فيها الفرسان شجاعتهم ، ويقدمون فيها عروضا شيقة لفنون الحرب والقتال وتوجب طول أمد الحرب ...
ولعل المسلمين أظهروا فيها براعة نادرة ، وشجاعة فريدة .. فقل شهداؤهم ، وكثرت القتلى من أعدائهم ، وربما كان لابن رواحة سهم وافر في هذا المجال ..
__________________
(١) راجع : السيرة الحلبية ج ٣ ص ٦٧ وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٥١.