القوم ، وراوغهم حتى انحاز بالمسلمين منهزما ، ونجا بهم من الروم» (١).
قالوا : هكذا ذكر ابن إسحاق : أنه لم يكن إلا المحاشاة والتخلص من أيدي الروم الذين كانوا مع من انضم إليهم أكثر من مائتي ألف ، والمسلمون ثلاثة آلاف. ووافق ابن اسحاق على ذلك شرذمة.
وعلى هذا سمي هذا نصرا وفتحا ، باعتبار ما كانوا فيه من إحاطة العدو ، وتراكمهم ، وتكاثرهم عليهم. وكان مقتضى العادة أن يقتلوا بالكلية (٢).
وهو محتمل ، لكنه خلاف الظاهر من قوله «صلىاللهعليهوآله» : «حتى فتح الله عليكم» (٣).
وقد لوحظ : أنهم حين يريدون الحديث عن الهزيمة يقتصرون على خصوص عبارة ابن إسحاق التي جاءت ملطفة ومخففة إلى حد كبير ، ثم يصفون سائر الذين صرحوا بالهزيمة بأنهم شرذمة. نعم مجرد شرذمة بنظرهم .. ثم يواصلون توجيه الكلام بطريقة توحي بأن النصر أمر مسلّم ، لكن الاختلاف إنما هو في كيفيته ومداه.
فيزعمون : أن سبب تسمية ما جرى في مؤتة نصرا هو تمكن المسلمين من الإفلات من يد تلك الكثرة الهائلة ، وأن هذا هو ما يقصده ابن إسحاق ، وأنه محتمل ، ولكنه خلاف الظاهر.
__________________
(١) البحار ج ٢١ ص ٥٠ و ٥١ وعن أمالي الطوسي ص ٨٧ و ٨٨ و (ط دار الثقافة) ص ١٤١ وراجع : بشارة المصطفى ص ٤٣٢.
(٢) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٦٨ وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٥٠.
(٣) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٥٠ وفي هامشه عن البخاري ج ٧ ص ٥٨٥. وراجع : البخاري ج ٥ ص ٨٧.