من(المتبرع) بالبذل من ماله(قولان (١) أقربهما المنع) ، لأن الخلع من عقود المعاوضات فلا يجوز لزوم العوض لغير صاحب المعوض كالبيع ، ولأنه تعالى أضاف الفدية إليها في قوله : (فَلٰا جُنٰاحَ عَلَيْهِمٰا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) (٢) وبذل الوكيل والضامن بإذنها كبذلها فيبقى المتبرع على أصل المنع ، ولأصالة بقاء النكاح إلى أن يثبت المزيل ، ولو قلنا بمفهوم الخطاب (٣) فالمنع أوضح وحينئذ (٤) فلا يملك الزوج البذل ، ولا يقع الطلاق إن لم يتبع به (٥) ،
______________________________________________________
السابق هو البذل من ماله بإذنها هذا من جهة ومن جهة أخرى فالبذل من ماله بإذنها يسمى بالبذل من الضامن ، والبذل من ماله بغير إذنها يسمى بالبذل من الأجنبي فافهم.
(١) فالمشهور على عدم الصحة ، بل في المسالك : (لم يعرف القائل بالجواز منا) ، واستدل له بأن الخلع من عقود المعاوضة فلا يجوز أن يكون العوض من غير صاحب المعوّض كالبيع ، بالإضافة إلى أنّ المستفاد من الكتاب والسنة على ما تقدم عرضه أن الفدية مشروعة منها ولو بواسطة وكيلها ، وحينئذ تترتب أحكام الخلع ، أما لو كان البذل من المتبرع فيبقى على أصل المنع وعدم ترتب آثار الخلع عليه عند الشك في ذلك ، فضلا عن أصالة بقاء النكاح إلى أن يثبت المزيل ، ولم يثبت عند البذل من المتبرع للشك في صحته.
هذا والقول بالصحة لجميع من خالفنا من العامة إلا من شذّ منهم كما في المسالك ، بناء على أن الخلع فداء وليس معاوضة ، ويصح الافتداء من الأجنبي كما يصح المال من الأجنبي للطلاق.
وفيه : لو سلم أنه فداء فهو فداء خاص قد ترتبت عليه الأحكام الشرعية كما هو ظاهر الأدلة ، وهذا الفداء الخاص هو البذل من الزوجة ، وأما من غيرها فيبقى على أصل المنع.
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٩.
(٣) أي لو قلنا بمفهوم المخالفة ، والمراد منه مفهوم اللقب في قوله تعالى : (فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) (١) ، والمعنى لو قلنا بمفهوم اللقب فالمنع أوضح إذ الآية تدل على ثبوت الجناح فيما لو افتدى غيرها.
هذا ولكن مفهوم اللقب من أضعف المفاهيم كمفهوم العدد والمكان والزمان.
(٤) أي حين القول بعدم صحة بذل المتبرع.
(٥) أي لم يتبع الخلع بالطلاق.
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية : ٢٢٩.