نحو قوله تعالى : (لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(١) إلّا أن يقع فصل فيجوز تركه سواء كان الفصل قبل حرف العطف ، كقوله تعالى : (يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ)(٢) أو بعدها ، كقوله تعالى : «ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا».(٣)
وقد يعطف عليه بلا فصل ، وهو كثير في الشعر ، كقول الشاعر :
ورجا الأخيطل من سفاهة رأيه |
|
ما لم يكن وأب له لينالا |
وقليل في النثر. حكى سيبويه : «مررت برجل سواء والعدم» برفع «العدم» بالعطف على الضمير المستتر في سواء.
وهذا الاستعمال ضعيف عند البصريّين وأجازه الكوفيّون بلا ضعف. (٤)
وأمّا الضمير المجرور فلا يعطف عليه إلّا بإعادة الجارّ له ، كقوله تعالى : «وقال لَها وَلِلْأَرْضِ» (٥) و «نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ». (٦) هذا مذهب الجمهور وأجاز ذلك الكوفيّون بلا شرط واختاره ابن مالك قائلا :
وعود خافض لدى عطف على |
|
ضمير خفض لازما قد جعلا |
وليس عندى لازما إذا قد أتى |
|
في النثر والنظم الصحيح مثبتا |
واستدلّ المجوّزون بقوله تعالى : (وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ) ، (٧) بجرّ «الأرحام» في قراءة حمزة عطفا على الهاء المجرورة بالباء.
وبقول الشاعر :
فاليوم قرّبت تهجونا وتشتمنا |
|
فاذهب فما بك والأيّام من عجب |
بجرّ «الأيّام» عطفا على الكاف المجرورة بالباء.
وأجاب المحقّق الرضي رحمهالله عن الآية بأنّ الظاهر أنّ حمزة جوّز ذلك بناء على مذهب الكوفيّين لأنّه كوفيّ ولا نسلّم تواتر القراءات السبع. وأمّا الشعر فلا دليل فيه إذا
__________________
(١). الأنبياء (٢١) : ٥٤.
(٢). الرّعد (١٣) : ٢٣.
(٣). الأنعام (٦) : ١٤٨.
(٤). قال ابن مالك :
وإن على ضمير رفع متّصل |
|
عطفت فافصل بالضّمير المنفصل |
أو فاصل مّا وبلا فصل يرد |
|
في النّظم فاشيا وضعفه اعتقد |
(٥). فصّلت (٤١) : ١١.
(٦). البقرة (٢) : ١٣٣.
(٧). النساء (٤) : ١.