معنى الإثبات ، وإلّا وجب الرفع ، نحو : «ما أنت إلّا تأتينا فتحدّثنا».
والطلب نحو : «زرني فأكرمك». ومعنى أن يكون الطلب محضا أن لا يكون مدلولا عليه باسم فعل ولا بلفظ الخبر وإلّا وجب الرفع ، نحو : «صه فأحسن إليك» و «حسبك الحديث فينام النّاس».
هذا مذهب الجمهور. وذهب الكسائي إلى جواز النصب بعد الطلب مطلقا.
تنبيه : إذا سقطت الفاء بعد الطلب وقصد معنى الجزاء ، يجوز جزم الفعل ، نحو : «زرني أزرك» ، بخلاف ما إذا لم يقصد الجزاء ، نحو : «ليت لي مالا أنفق منه». ولا فرق في ذلك بين أن يكون الطلب محضا ـ كما تقدّم ـ أو غير محض ، نحو : «صه أحسن إليك».
واشترط ـ عند غير الكسائي ـ لجواز الجزم بعد النهي صحّة وقوع «إن» الشرطية على «لا» فتقول : «لا تدن من الأسد تسلم» ، إذ يصحّ «إن لا تدن من الأسد تسلم» ، ولا يجوز الجزم في نحو : «لا تدن من الأسد يأكلك». وأجاز الكسائي ذلك ، لعدم اشتراطه دخول «إن» على «لا» ، فالتقدير عنده : «لا تدن من الأسد ، إن تدن يأكلك».
الخامس : بعد واو المعيّة المسبوقة بنفي محض أو طلب محض ، كقوله تعالى : (وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ) ، (١) وقوله تعالى «يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ». (٢)
فإن لم تكن الواو بمعنى «مع» لم يجز النصب ، ومن ثمّ جاز في ما بعد الواو في نحو : «لا تأكل السّمك وتشرب اللّبن» ثلاثة أوجه : الجزم على التشريك بين الفعلين ، والرفع على إضمار مبتدأ ، أي : وأنت تشرب اللّبن ، والنصب على إرادة المعيّة. وتضمر جوازا في موضعين :
الأوّل : بعد اللّام الجارّة إذا لم يسبقها كون ناقص ماض منفى ولم يقترن ب «لا» ، نحو : «تب ليغفر الله لك» أو «لأن يغفر الله لك».
فإن سبقها الكون المذكور وجب إضمار «أن» كما مرّ. وإن اقترن الفعل ب «لا» ـ نافية أو مؤكّدة ـ وجب إظهار «أن» ، نحو قوله تعالى : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) ، (٣) و «لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ». (٤)
__________________
(١). آل عمران (٣) : ١٤٢.
(٢). الأنعام (٦) : ٢٧.
(٣). البقرة (٢) : ١٥٠.
(٤). الحديد (٥٧) : ٢٩.