ومعاصينا عفو الله تعالىٰ ومغفرته بالسؤال والدعاء ، ومن دون سؤال ودعاء احياناً ، ما لم يتمرد العبد علىٰ مولاه ويقسو قلبه ويطرد عن ساحة رحمة الله.
وهذه العلاقة بين العفو والرحمة من الله والذنوب والمعاصي منا ، وبين قوة الله تعالىٰ وضعفنا ، وبين غنىٰ الله تعالىٰ وفقرنا ، وبين شفاء الله لنا وأمراضنا ، وبين انقاذ الله تعالىٰ لنا واضطرارنا إليه ، وبين علم الله تعالىٰ وجهلنا وشططنا حتىٰ عن غير سؤال وطلب ودعاء ... اقول : إن هذه العلاقة من اسرار هذا الدين كما هي من اسرار هذا الكون وقوانينه. وما لم يفهم الانسان هذا القانون في الكون ، وفي علاقة الإنسان بالله تعالىٰ ، لا يستطيع أن يدرك طائفة واسعة من معارف هذا الدين واسراره.
وكم من مريض شفي برحمة الله من غير سؤال ( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ). وكم من فقير جائع رزقه الله تعالیٰ واطعمه من جوع من غير سؤال ولا دعاء. وكم من مضطر في لجج البحار أو تحت الانقاض أو تحت ظلال السيوف أو في وسط الحريق ادركته رحمة الله تعالىٰ وانقذته من غير سؤال ولا دعاء. وكم من ظمآن بلغ به الظمأ مبلغاً استنفد مقاومته فأدركته رحمة الله تعالىٰ وأروته من غير سؤال ولا طلب. وكم من إنسان واجه الاخطار ، وكان علیٰ قاب قوسين منها وهو يعلم أو لا يعلم ، فجاءه (ستر الله) فانقذه منها. وكم من إنسان وصل إلى طريق مسدود في حياته ففتح الله تعالىٰ له الف طريق ، وكل ذلك من غير سؤال ولا طلب ولا دعاء ، بل دون أن يعرف صاحبه الله تعالىٰ كثيراً ، فضلاً عن أن يعرفه فلا يطلب منه.
وكم من رضيع تدركه
رحمة الله تعالىٰ دون أن يطلب من الله ، ودون أن