أخبرنا رضوان بن محمّد بن الحسن الدّينوريّ قال : سمعت معروف بن محمّد بن معروف الصّوفيّ ـ بالري ـ يقول : سمعت الخالدي يقول : سئل النوري : كيف حالك؟
فقال : كيف حال من ليس معه من الله إلّا الله.
وقال الخالدي : أنشدني النوري لنفسه :
الذّكر يقطعني والوجد يطلعني |
|
والحقّ يمنع عن هذا وعن ذاك |
فلا وجود ولا سرّ أسرّ به |
|
حسبي فؤادي إذا ناديت لبّاك |
أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال : سمعت محمّد بن الحسين النّيسابوريّ يقول : سمعت أبا بكر محمّد بن عبد الله الرّازيّ يقول : سمعت القناد يقول : سمعت أبا الحسين النوري يقول : رأيت غلاما جميلا ببغداد فنظرت إليه ، ثم أردت أن أردد النظر فقلت له : تلبسون النعال الصرّارة وتمشون في الطرقات. قال : أحسنت ، أتجمش بالعلم؟ فأنشأ يقول :
تأمّل بعين الحقّ إن كنت ناظرا |
|
إلى صفة فيها بدائع فاطر |
ولا تعط حظّ النّفس منها لما بها |
|
وكن ناظرا بالحقّ قدرة قادر |
وأخبرنا أبو نعيم قال : سمعت عمر البناء البغداديّ ـ بمكة ـ يحكي. قال : لما كانت محنة غلام الخليل ، ونسب الصوفية إلى الزندقة ، أمر الخليفة بالقبض عليهم ، فأخذ في جملة من أخذ النوري في جماعة ، فأدخلوا على الخليفة فأمر بضرب أعناقهم! فتقدم النوري مبتدرا إلى السياف ليضرب عنقه ، فقال له السياف : ما دعاك إلى الابتدار إلى القتل من بين أصحابك؟ فقال : آثرت حياتهم على حياتي هذه اللحظة! فتوقف السياف عن قتله ، ورفع أمره إلى الخليفة فرد أمرهم إلى قاضي القضاة ، وكان يلي القضاء يومئذ إسماعيل بن إسحاق ، فتقدم إليه النوري فسأله عن مسائل في العبادات من الطهارة والصلاة ، فأجابه. ثم قال له : وبعد هذا لله عباد يسمعون بالله ، وينطقون بالله ، ويصدرون بالله ، ويردون بالله ، ويأكلون بالله ، ويلبسون بالله. فلما سمع إسماعيل كلامه بكى بكاء طويلا ثم دخل على الخليفة فقال : إن كان هؤلاء القوم زنادقة فليس في الأرض موحد ، فأمر بتخليتهم ، وسأله السلطان يومئذ من أين يأكلون؟ فقال : لسنا نعرف الأسباب التي يستجلب بها الرّزق ، نحن قوم مدبرون. وقال لي : من وصل إلى وده أنس بقربه ، ومن توصل بالوداد اصطفاه من بين العباد.