الغزو فأدخل على المأمون فلما سمع كلامه جعله من الخاصة من إخوانه ، وحبسه عنده إلى أن خرج معه إلى الغزو ، فلم يزل عنده مكرما إلى أن أراد إظهار كلام جهم وقول القرآن مخلوق ، وجمع بينه وبين بشر المريسي وسأله أن يكلمه وكان عبد السّلام يرد على أهل الأهواء من المرجئة والجهمية ، والزنادقة ، والقدرية وكلم بشر المريسي غير مرة بين يدي المأمون مع غيره من أهل الكلام ، كل ذلك كان الظفر له ، وكان يعرف بكلام الشيعة ، وناظرته في ذلك لأستخرج ما عنده فلم أره يفرط (٤) ، ورأيته يقدم أبا بكر وعمر ، ويترحم على عليّ وعثمان ، ولا يذكر أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوسلم إلا بالجميل ، وسمعته يقول : هذا مذهبي الذي أدين الله به ، إلا أن ثم أحاديث يرويها في المثالب.
وسألت إسحاق بن إبراهيم عن تلك الأحاديث وهي أحاديث مروية نحو ما جاء في أبي موسى ، وما روى في معاوية فقال : هذه أحاديث قد رويت ، قلت : فتكره كتابتها وروايتها ، والرواية عمن يرويها؟ فقال : أما من يرويها على طريق المعرفة فلا أكره ذلك ، وأما من يرويها ديانة ويريد عيب القوم فإني لا أرى الرواية عنه.
أخبرنا محمّد بن عمر بن القاسم النرسي ، أخبرنا محمّد بن عبد الله الشّافعيّ ، حدّثنا إسحاق بن الحسن بن ميمون الحربي ، حدّثنا عبد السّلام بن صالح ـ يعني الهرويّ ـ حدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «أنا مدينة العلم وعلى بابها» (٥).
أخبرنا البرقاني ، أخبرنا الحسين بن عليّ التّميميّ ، حدّثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الأسفراييني ، حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمّد بن الحجّاج المروزيّ قال : وسئل أبو عبد الله عن أبي الصّلت فقال : روى أحاديث مناكير. قيل له : روى حديث مجاهد عن عليّ «أنا مدينة العلم وعلي بابها» قال : ما سمعنا بهذا ، قيل له هذا الذي تنكر عليه؟ قال : غير هذا ، أما هذا فما سمعنا به. وروى عن عبد الرّزّاق أحاديث لا نعرفها ولم نسمعها. قيل لأبي عبد الله : قد كان عند عبد الرّزّاق من هذه الأحاديث الردية؟ قال : لم أسمع منها شيئا.
أخبرني عبيد الله بن عمر الواعظ ، حدّثنا أبي. وأخبرنا عبد الغفّار بن محمّد بن
__________________
(٤) في المطبوعة : «فلم أره يفرق» والتصحيح من تهذيب الكمال.
(٥) الحديث سبق تخريجه ، راجع الفهرس.