أخبرني علي بن أيّوب ، أخبرنا المرزباني ، أخبرني الصولي ، حدّثنا محمّد بن الفضل ابن الأسود ، حدّثنا علي بن محمّد النوفلي قال : سمعت أبا عبيدة معمر بن المثنّى يقول : قال الصولي.
وحدّثنا أبو ذكوان عن التوزي عن أبي عبيدة قال : أرسل إليّ الفضل بن الرّبيع إلى البصرة في الخروج إليه ، فقدمت عليه ـ وكنت أخبر عن تجبره ، فأذن لي فدخلت ـ وهو في مجلس له طويل عريض فيه بساط واحد قد ملأه ، وفي صدره فرش عالية ، لا يرتقى إليها إلا على كرسي ـ وهو جالس عليها ـ فسلمت بالوزارة ، فرد وضحك إلىّ واستدناني ، حتى جلست مع فرشه ثم سألني وألطفني وبسطني. وقال : أنشدني ، فأنشدته من عيون أشعار أحفظها جاهلية. فقال لي : قد عرفت أكثر هذه ، وأريد من ملح الشعر فأنشدته فطرب وضحك ، وزاد نشاطه. ثم دخل رجل في زي الكتاب له هيئة فأجلسه إلى جانبي ، وقال له : أتعرف هذا؟ قال : لا قال هذا أبو عبيدة علامة أهل البصرة ، أقدمناه لنستفيد من علمه ، فدعا له الرجل وقرّظه لفعله هذا. وقال لي : إن كنت إليك لمشتاقا ، وقد سئلت عن مسألة أفتأذن لي أن أعرفك إياها؟ قلت : هات. قال : قال الله تعالى : (طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ) [الصافات ٦٥] وإنما يقع الوعد والإيعاد بما قد عرف مثله ، وهذا لم يعرف. فقلت : إنما كلم الله العرب على قدر كلامهم ، أما سمعت قول امرئ القيس :
أيقتلني والمشرفي مضاجعي |
|
ومسنونة زرق كأنياب أغوال |
وهم لم يروا الغول قط ، ولكنه لما كان أمر الغول يهولهم أو عدوا به. فاستحسن الفضل ذلك ، واستحسنه السائل واعتقدت من ذلك اليوم أن أصنع كتابا في القرآن لمثل هذا وأشباهه ، ولما يحتاج إليه من علمه. فلما رجعت إلى البصرة عملت كتابي الذي سميته المجاز ، وسألت عن الرجل فقيل لي : هو من كتاب الوزير وجلسائه يقال له إبراهيم بن إسماعيل بن داود الكاتب العبرتائي.
أخبرنا الجوهريّ ، حدّثنا محمّد بن العبّاس ، حدّثنا أبو مزاحم الخاقاني قال : حدثني أبو جعفر محمّد بن فرج الغساني قال : سمعت سلمة يقول : سمعت الفراء يقول لرجل : لو حمل لي أبو عبيدة لضربته عشرين في كتاب المجاز.
أخبرني علي بن أيّوب ، أخبرنا عبيد الله المرزباني ، حدثني عبد الله بن جعفر ، حدّثنا المبرد ـ أحسبه عن الثوري ـ قال : بلغ أبا عبيدة أن الأصمعيّ تعيب عليه تأليفه