و (تَأْجُرَنِي) مضارع آجره مثل نصره إذا كان أجيرا له. والحجج : اسم جمع حجة بكسر الحاء وهي السنة ، مشتقة من اسم الحج لأن الحج يقع كل سنة وموسم الحج يقع في آخر شهر من السنة العربية.
والتزام جعل تزويجه مشروطا بعقد الإجارة بينهما عرض منه على موسى وليس بعقد نكاح ولا إجارة حتى يرضى موسى. وفي هذا العرض دليل لمسألة جمع عقد النكاح مع عقد الإجارة. والمسألة أصلها من السنة حديث المرأة التي عرضت نفسها على النبي صلىاللهعليهوسلم فلم يتزوجها وزوّجها من رجل كان حاضرا مجلسه ولم يكن عنده ما يصدقها فزوجه إياها بما معه من القرآن ، أي على أن يعلمها إياه.
والمشهور من مذهب مالك أن الشرط المقارن لعقد النكاح إن كان مما ينافي عقد النكاح فهو باطل ويفسخ النكاح قبل البناء ويثبت بعده بصداق المثل. وأما غير المنافي لعقد النكاح فلا يفسخ النكاح لأجله ولكن يلغى الشرط. وعن مالك أيضا : تكره الشروط كلها ابتداء فإن وقع مضى. وقال أشهب وأصبغ : الشرط جائز واختاره أبو بكر بن العربي وهو الحق للآية ، ولقول النبي صلىاللهعليهوسلم «أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم عليه الفروج».
وظاهر الآية أيضا أن الإجارة المذكورة جعلت مهرا للبنت. ويحتمل أن المشروط التزام الإجارة لا غير ، وأما المهر فتابع لما يعتبر في شرعهم ركنا في النكاح ، والشرائع قد تختلف في معاني الماهيات الشرعية. وإذا أخذنا بظاهر الآية كانت دالة على أنهما جعلا المهر منافع إجارة الزوج لشعيب فيحتمل أن يكون ذلك برضاها لأنها سمعت وسكتت بناء على عوائد مرعية عندهم بأن ينتفع بتلك المنافع أبوها.
ويحتمل أن يكون لولي المرأة بالأصالة إن كان هو المستحق للمهر في تلك الشريعة ، فإن عوائد الأمم مختلفة في تزويج ولاياهم. وإذ قد كان في الآية إجمال لم تكن كافية في الاحتجاج على جواز جعل مهر المرأة منافع من إجارة زوجها فيرجع النظر في صحة جعل المهر إجارة إلى التخريج على قواعد الشريعة والدخول تحت عموم معنى المهر ، فإن منافع الإجارة ذات قيمة فلا مانع من أن تجعل مهرا.
والتحقيق من مذهب مالك أنه مكروه ويمضي. وأجازه الشافعي وعبد الملك بن حبيب من المالكية. وقال أبو حنيفة : لا يجوز جعل المهر منافع حر ويجوز كونه منافع عبد. ولم ير في الآية دليلا لأنها تحتمل عنده أن يكون النكاح مستوفيا شروطه فوقع الإجمال فيها. ووافقه ابن القاسم من أصحاب مالك.