عليه وآله ) من أطيب كسبك.
يا عبد الله ، اجهد ان لا تكنز ذهباً ولا فضة فتكون من أهل هذه الآية : ( الَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) (٢) ولا تستصغرن من حلو ولا من فضل طعام تصرفه في بطون خالية تسكن بها غضب الرب تبارك وتعالى.
واعلم أنّي سمعت أبي يحدّث ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين ( عليهم السلام ) أنّه سمع عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) يقول لأصحابه يوماً : ما آمن بالله واليوم الآخر من بات شبعاناً وجاره جائع ، فقلنا : هلكنا يا رسول الله ، فقال : من فضل طعامكم ، ومن فضل تمركم ورزقكم وخلقكم وخرقكم تطفؤون بها غضب الرب.
وسأُنبئك بهوان الدنيا وهوان شرفها على من مضى من السلف والتابعين.
ثم ذكر حديث زهد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في الدنيا وطلاقه لها ـ إلى أن قال : ـ وقد وجهت إليك بمكارم الدنيا والآخرة عن الصادق المصدّق رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فإن أنت عملت بما نصحت لك في كتابي هذا ، ثم كانت عليك من الذنوب والخطايا كمثل أوزان الجبال وأمواج البحار رجوت الله أن يتجافى عنك جلّ وعزّ بقدرته.
يا عبد الله ، إياك أن تخيف مؤمناً فإنّ أبي محمّد بن علي حدّثني عن أبيه ، عن جدّه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) أنه كان يقول : من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله يوم لا ظلّ إلّا ظلّه ، وحشره في صورة الذر لحمه وجسده وجميع أعضائه ، حتّى يورده مورده.
وحدثني أبي عن آبائه عن علي ( عليه السلام ) ، عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : من أغاث لهفاناً من المؤمنين أغاثه الله يوم لا ظل إلا ظله
__________________
(٢) التوبة ٩ : ٣٤.