وآمنه يوم الفزع الأكبر وآمنه من سوء المنقلب ، ومن قضى لأخيه المؤمن حاجة قضى الله له حوائج كثيرة من إحداها الجنّة ، ومن كسى أخاه المؤمن من عري كساه الله من سندس الجنّة واستبرقها وحريرها ، ولم يزل يخوض في رضوان الله ما دام على المكسو منه سلك ، ومن أطعم أخاه من جوع أطعمه الله من طيبات الجنّة ، ومن سقاه من ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ريّه ، ومن أخدم أخاه أخدمه الله من الولدان المخلّدين ، وأسكنه مع أوليائه الطاهرين ، ومن حمل أخاه المؤمن من رجلة حمله الله على ناقة من نوق الجنة ، وباهى به الملائكة المقربين يوم القيامة ، ومن زوّج أخاه المؤمن إمرأة يأنس بها وتشدّ عضده ويستريح إليها زوّجه الله من الحور العين ، وآنسه بمن أحبه من الصديقين من أهل بيت نبيّه وإخوانه وآنسهم به ، ومن أعان أخاه المؤمن على سلطان جائر أعانه الله على إجازة الصراط عند زلّة الأقدام ، ومن زار أخاه إلى منزله لا لحاجة منه إليه كتب من زوار الله ، وكان حقيقاً على الله ان يكرم زائره.
يا عبد الله ، وحدثني أبي ، عن آبائه ، عن عليّ ( عليه السلام ) أنّه سمع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول لأصحابه يوماً : معاشر الناس إنه ليس بمؤمن من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه ، فلا تتّبعوا عثرات المؤمنين ، فإنه من تتبّع عثرة مؤمن اتّبع الله عثراته يوم القيامة وفضحه في جوف بيته.
وحدثني أبي ، عن آبائه ، عن عليّ ( عليهم السلام ) أنه قال : أخذ الله ميثاق المؤمن أن لا يصدق في مقالته ، ولا ينتصف من عدوّه ، وعلى أن لا يشفي غيظه إلّا بفضيحة نفسه ، لأنّ كلّ مؤمن ملجم ، وذلك لغاية قصيرة ، وراحة طويلة ، وأخذ الله ميثاق المؤمن على أشياء أيسرها عليه مؤمن مثله يقول بمقالته يبغيه ويحسده ، والشيطان يغويه ويضله ، والسلطان يقفو أثره ، ويتبع عثراته ، وكافر بالله الذي هو مؤمن به يرى سفك دمه ديناً ، وإباحة حريمه غنماً ، فما بقاء المؤمن بعد هذا.