نسبة إليه ، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك من قبل.
وإذا سبق العلم بشرطيّة بعض الأشياء ، وأنّه يكون سببا في معرفة أمر ما لا محالة ، تجلّى الحقّ سبحانه للعبد الذي حاله ما ذكرنا وأمثاله في مرتبة ذلك الشيء وعينه ، فعرفوه من تلك الحيثيّة في تلك المرتبة ، ثم عرفوا به ما توقّف معرفته على هذا الشرط ، ولكن من حيث النسبة الإلهيّة المشار إليها ، وارتفاع حكم النسب الكونيّة ، وسريان حكم الوجه الخاصّ ، فلم يعرفوه (١) إذا إلّا بالحقّ كما بيّنّا ذلك في سرّ الطرق ، فبعض التجلّيات علامة له على تجلّيات أخر أنزل منها مرتبة من حيث إنّ المعرّف يجب أن يكون أجلى من المعرّف ومتقدّما (٢) عليه ، ولا خلاف في تفاوت التجلّيات عند المحقّقين من حيث القوابل ، وبحسب تفاوت الأسماء والحضرات التي منها يكون التجلّي وفيها يظهر ، وبعض مظاهر التجلّيات من كونه مظاهر يكون علامة على مظاهر أخرى ، كما أنّ بعض التجلّيات والمظاهر يكون حجابا على تجلّيات ومظاهر وغيرها ، مع أحديّة المتجلّي في الجميع ، فافهم.
فالتفاوت بالمراتب ، والاطّلاع على المراتب بحسب العلم ، (٣) ولحصول العلم أسباب كثيرة من العلامات والطرق وغيرهما (٤) يطول ذكرها.
ثم أقول : وقد تحصل لبعض النفوس في بعض الأحيان عند هبوب النفحات الجوديّة الإلهيّة أحوال توجب لها الإعراض عمّا سوى الحقّ ، والإقبال بوجوه قلوبها ـ بعد التفريغ التامّ ـ إلى حضرة غيب الذات ، في أسرع من لمح البصر ، فتدرك من الأسرار الإلهيّة والكونيّة ما شاء الحقّ ، وقد تعرف تلك النفس هذه المراتب والتفاصيل ، وقد لا تعرف ، مع تحقّقها بما حصل لها من العلم المتعلّق بالحقّ أو بالكون ، ممّا لم يكن له دليل ولا علامة غير الحقّ ، بل كان الحقّ عين العلامة ، كما أشرنا إلى ذلك من قبل ، والعوالم كثيرة جدّا ، وأمّهاتها هي الحضرات الوجوديّة التي عرّفتك ما هي.
وأوّل العوالم المتعيّنة من العماء عالم المثال المطلق ، ثم عالم التهييم ، (٥) ثم عالم القلم
__________________
(١) ق : فلم يعرفوا.
(٢) ب : مقدّما.
(٣) ق : العالم.
(٤) ب : غيرها.
(٥) ق : التهيم.