فإن غلب على الفعل حكم العناصر وصورة النشأة العنصريّة ، انحفظت في سدرة المنتهى ، منبع الأوامر الشرعيّة الباعثة على الفعل ؛ فإنّها غاية العالم العنصري ومحتد الطبيعة من حيث ظهورها بالصور العنصرية ، فجعلها الحقّ غاية مرتقى الآثار العنصريّة ؛ فإنّ أفعال المكلّفين بالنسبة الغالبة نتيجة الصور والأمزجة المتولّدة من العناصر والمتركّبة منها ، فلهذا لم (١) يمكن أن يتعدّى الشيء أصله ، فما من العناصر لا يتعدّى عالم العناصر ، فإن تعدّى فبتبعيّة حقيقة أخرى تكون لها الغلبة إذ ذاك والحكم ، فافهم.
فإن خرقت همّة الفاعل وروحانيّته عالم العناصر بالغلبة المذكورة ـ لاقتضاء مرتبته ذلك وحاله ـ تعدّى إلى الكرسي وإلى العرش وإلى اللوح وإلى العماء بالقوّة والمناسبة التي بينه وبين هذه العوالم ، وكونه نتيجة من سائرها ، فانحفظ في أمّ الكتاب إلى يوم الحساب.
فإذا كان يوم الفصل ، انقسمت أفعال العباد إلى أقسام :
فمنها : ما تصير هباء منثورا ، وهو الاضمحلال الذي أشرت إليه.
ومنها : ما يقلبها إكسير العناية والعلم بالتوحيد أو به وبالتوبة ، فيجعل قبيحها حسنا ، والحسن أحسن ، فتصير (٢) التمرة كأحد ، ويوجر من أتى معصية جزاء من أتى مثلها من الحسنات بالموازنة ، فالقتل بالإحياء ، و (٣) الغصب بالصدقة والإحسان ونحو ذلك.
ومنها : ما يعفو الحقّ عنه ويمحو حكمه وأثره.
ومنها : ما إذا قدم الفاعل عليه ، وفّاه له مثلا بمثل خيرا كان أو ضدّه.
ونموّ الجميل من الفعل وغلبته (٤) الظاهرة بصورة الترجيح تارة ، وبالحكم الماحي تارة أخرى راجع إلى العناية والعلم الشهودي التامّ مع الحضور وسبق الرحمة والشفاعة المختصّة بالتوحيد والإيمان ، المتفرّعة في الملائكة والرسل والأنبياء والأولياء والمؤمنين ، والآخريّة للعناية السابقة المضافة إلى الحقّ آخرا من كونه أرحم الراحمين.
ومن الأفعال ما يكون حكمها في الآخرة هو كسر سورة العذاب الحاصل من نتائج
__________________
(١) ب : يتعدّ سدرة المنتهى التي منبع الأوامر الشرعية الباعثة على الفعل ؛ لأنّ الشيء لا يتعدّى أصله. توجد إضافة.
(٢) ه : فيصير.
(٣) ق ، ه : لم يرد.
(٤) في بعض النسخ : غلبة.