في حضرة أحديّة الجمع ـ التي هي البرزخ بين مطلق الغيب الذاتي وبين الحضرة التي امتازت عن الغيب من وجه ، (١) وكانت محلّ نفوذ الاقتدار ، وهدف أسهم التوجّهات الغيبيّة والآثار ـ تعيّنا وانتظاما بهيئة غيبيّة علميّة ، يضاهيها نظم النشأة الإنسانيّة بقواها الطبيعيّة وأخلاقها الروحانيّة وخصائصها المعنويّة الغيبيّة ، والحقيقة الإلهيّة التي تنضاف إليها الصورة المذكورة في مقابلتها العين الثابتة التي للإنسان ، وأنّها عبارة عن صورة علم ربّه به أزلا وأبدا في نفسه سبحانه ، كما أنّ صورة ربّه عبارة عن صورة علمه سبحانه بذاته وشؤونها وصور عبارة عن صور نسب علمه ؛ ونسب علمه في ذوق المقام المتكلّم فيه (٢) عبارة عن تعيّنات وجوده التي قلنا : إنّها من حيث تعدّدها أحواله ومن حيث توحّدها عينه ، وأحواله تتعيّن في هذا البرزخ المسمّى بحضرة أحديّة الجمع وتظهر متعدّدة في الحضرة (٣) الكونيّة التي هي عبارة عن أحد وجهي حضرة أحديّة الجمع المشتمل على صورة الكثرة (٤) ؛ فإنّ هذه الحضرة هي مقام الكمال الظاهر الحكم بالإنسان الكامل المرآة (٥) لغيب الذات ولما تعيّن منه ـ أي من الغيب المذكور ـ فيه (٦) وبها أيضا.
وهذا البرزخ أيضا عبارة عن مبدأ تعيّنه سبحانه بنفسه لنفسه بصفة (٧) ظاهريّته ومظهريّته ، وجمعه ببرزخيّته المذكورة بين الطرفين من حيث الإنسان الكامل ، وهذا التعيّن البرزخي الوسطي أيضا هو أصل كلّ تعيّن ، والمنبع لكلّ ما يسمّى شيئا سواء (٨) نسب ذلك التعيّن ـ أيّ تعيّن كان ـ إلى الحقّ ، بمعنى أنّه اسم له أو صفة أو مرتبة ، أو نسب إلى الكون أيضا بهذا الاعتبار الاسمي أو الصفاتي أو المرتبي ، أو اعتبر أمرا ثالثا (٩) وهو ظهور الحقّ من حيث عينه ثانيا بالنسبة إلى ما قام منه مجلى لسائر تعيّناته أولا كما مرّ ، وثالثا ورابعا ، وهلمّ جرّا إلى ما لا نهاية له ، فيما تعيّن لنفسه منه من كونه غير متعيّن ، ثم فيما تعيّن ممّا تعيّن منه وبه ، غيبا وشهادة ، ممّا يسمّى عينا أو غيرا بالنسبة ، فاعلم ذلك.
__________________
(١) ق : من وجه عن الغيب.
(٢) ق ، ه : منه.
(٣) ق : حضرة.
(٤) ه : الكثيرة.
(٥) ق : والمرآة.
(٦) ه : فيها.
(٧) ق : بصفتي.
(٨) في الأصل : وسواء.
(٩) ق ، ه : أمر ثالث.