كلّ وارث ، فبحسب أصالته وكلّيّته بالنسبة إلى ما تفرّع منه ، والله ـ من حيث إنّه الجامع والأصل ـ خير الوارثين بالنسبة إلى المواريث والإرث الأسمائي ، فتنبّه.
ثم نقول : إنّ الله ختم العبادة الصفاتيّة بالسجود الواقع في الحشر (١) من النبي صلىاللهعليهوآله حال فتح باب الشفاعة ، وممّن شاء من الشفعاء ، والذين يؤذن لهم في السجود ، كما ثبت في الشريعة ، وليس بعد تلك السجدة إلّا العبادة الذاتيّة التي لا يقترن معها أمر ولا تكليف.
وختم إتيانه بصفة ظاهريّته من حضرة غيبه الذاتي ، وتوجّهه إلى كافّة خلقه بإتيانه في ظلل (٢) من الغمام يوم القيامة للفصل والقضاء ، فإنّه كإتيانه الأوّل من غيب هويّته في العماء (٣) للظهور والإظهار ، وفصل الأعيان القابلة للوجود بالرحمة الشاملة من الأعيان الباقية في حضرة الثبوت ، والحكم على كلّ منها بما يستحقّه لذاتها بموجب استعداداتها وعلمه بها (كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً) (٤) فافهم ، فقد كشف لك ما لا ينكشف إلّا للنّدر.
وختم القرآن العزيز من حيث الإنزال بسورة «براءة» المميّزة بين المقبولين والمردودين ؛ لأنّ آخر حكم يتنزّل هو التمييز ، ولهذا كان يوم القيامة يوم الفصل ، فيميّز الله فيه الخبيث من الطيّب ، ويجعل الخبيث بعضه على بعض ، فيركمه جميعا ، فيجعله في جهنّم (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٥) وختم أحكام الشرائع بشريعتنا كما ختم الأنبياء بنبيّنا صلىاللهعليهوآله.
وختم حكم شريعتنا بطلوع الشمس من مغربها ، نظير طلوع الروح الحيواني وتقلّص نور الروح الإلهي من مغرب البدن ، فإنّ نسبة الشمس إلى الصورة العاميّة (٦) الكونيّة نسبة الروح الحيواني إلى أبداننا ، ونسبة القلم الأعلى من حيث الإنسان الكامل نسبة الروح الإلهي المدبّر (٧) لنشأتنا (٨) ، فكما أنّه لا اعتبار لإيمان أحد بعد طلوع الشمس من مغربها ، ولا لعلمه ، كما قال سبحانه : (لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) (٩) وفسّر ذلك نبيّه صلىاللهعليهوآله بهذا ، كذلك لا اعتبار لعمل حال إعراض روح الإنسان
__________________
(١) ق : المحشر.
(٢) ق : ظليل.
(٣) ه : العمام.
(٤) الإسراء (١٧) الآية ١٤.
(٥) البقرة (٢) الآية ٢٧.
(٦) ق : العامة.
(٧) ه : المدير.
(٨) ق : لنشأتها.
(٩) الأنعام (٦) الآية ١٥٨.