الشمس وبين الصورة (١) الكثيفة ، فكلّما كثرت ظهر انتشار الشعاع وانبسط (٢) ، وكلّما قلّت تقلّص ذلك الشعاع في الأمر الذي انتشر منه ، فتقلّصه بالوصف المتحصّل له من كلّ ما انبسط عليه هو عودة الورث ، نوره المنبسط عنه أوّلا متزايد الحسن مما استفاده من كلّ ما اقترن به ، فانطبع فيه ، كما مرّ في ماء الورد ، وذهب ما لم يكن ثابتا لذاته ، ولا مرادا لعينه ، بل كان ثباته بالنور المنبسط عليه ، والأمر الساري فيه الثابت آخرا (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (٣).
وقد عرّفتك في صدر الكتاب : أنّ الكمال الذاتي وإن لم يزل فأكمليّته إنّما ظهرت بالكمال الأسمائي ، والأسماء إنّما تعيّنت بالأعيان علما ووجودا ، فلو لا الأعيان لم يكن الكمال الأسمائي المرتبي ، كما أنّه لو لا الحقّ ، لم يحصل للأعيان الكمال الوجودي ، فكلّ وارث ، وهذان (٤) الحالان هما الموروثان آخرا ، والمتماثلان أوّلا (وَإِلَى اللهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ) (٥).
والأمر في أحد الجانبين قد استبان بما ذكرنا ، وفي الجانب الآخر عبارة عن الشأن الذي أعقبه الاستخلاف بعد كمال الحضور والمباشرة للتصرّف والإيجاد والاستخلاف ، فمع البطون لا محالة ، ومدار الورث وما ذكرنا على البطون والظهور ، والغيبة الأخيرة التي هي من لوازم الأكمليّة بالاستهلاك الأتمّ في الحقّ تقضي باستخلاف الخليفة ربّه المستخلف له ، وتوكيله التوكيل الأتمّ ، وقد مرّ حديثهما من قبل ، فتذكّر.
وأمّا حكم ما عدا الكمّل من الخلفاء في الورث فبمقدار حظّهم في الخلافة ، وبحسب نسبتهم إليها وكلّ ذو حظّ منها ونصيب وإن قلّ ، فاستحضر ما أسلفت في ذلك ، وافهم ، ومن الغرائب أن تفهم ما نريد ، والسلام.
واعلم ، أنّ البحر يرث الأنهار ، والأرض ترث ما انفصل منها بوجه ، وكذا الهواء والنار مع الأوليين (٦) يرثون ما تولّد عنهم ، والعلويات ترث القوى المنبثّة منها في القوابل ، وورث
__________________
(١) ق : الصور.
(٢) ق : انبساطه.
(٣) القصص (٢٨) الآية ٨٨.
(٤) ق : وهذا المثالان هما الموروثان آخرا والمثالان بدل الحالان هما أوّلا.
(٥) لقمان (٣١) الآية ٢٢.
(٦) ق : الأوّلين.